كفانا عبثًا.. ليس هناك كلية قمة أو مهنة قمة

في كل عام، تتكرر نفس المشاهد المؤلمة، يتسابق الآباء وأبناؤهم، طلاب الثانوية العامة، نحو ما يسمى بـ "كليات القمة"، متناسين حقيقة بسيطة، ولكنها جوهرية: القمة ليست حكرًا على مهنة بعينها، بل هي نتاج شغف وإخلاص في أي مجال يختاره الإنسان.
كم من طبيب فشل في مهنته، وكم من مدرس سطع نجمه في سماء التعليم؟ النجاح لا يرتبط بالضرورة بمكانة اجتماعية أو لقب أكاديمي، بل يرتبط بالقدرة على الإبداع والعطاء، والتميز في أي مجال يختاره الإنسان.
هناك مهندسون أبدعوا في تصميماتهم، وصحفيون نقشوا أسماءهم بحروف من نور في سجلات الصحافة، وتجار بنوا إمبراطوريات اقتصادية، ورجال أعمال غيروا وجه العالم، وضباط شرطة حافظوا على أمن الوطن. كل هؤلاء هم قمم في مجالاتهم، وربما يعمل الطبيب نفسه في مؤسساتهم.
حان الوقت لتغيير هذه النظرة الخاطئة، والتوقف عن تصنيف المهن إلى "قمة" و"قاع". حان الوقت لأن نترك لأبنائنا حرية اختيار المجال الذي يحبونه، وأن ندعمهم بكل قوة للوصول إلى القمة فيه.
لا يمكن أن يكون هناك مجتمع مزدهر، إذا كان يعتمد على مجموعة محدودة من المهن. المجتمع يحتاج إلى كل فرد فيه، كل فرد يساهم في بنائه، كل فرد يبدع في مجاله.
فلنرفع شعارًا جديدًا: "القمة في الإخلاص والشغف، وليس في المسمى الوظيفي". ولنترك لأبنائنا حرية اختيار طريقهم، ولنكن لهم عونًا وسندًا في رحلتهم نحو القمة.