تيك توك... الوجه الآخر لمنصات التواصل الاجتماعي

في زمن الانفتاح الرقمي المتسارع، فرض تطبيق "تيك توك" نفسه كواحد من أشهر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين. فقد استطاع أن يجذب ملايين المستخدمين حول العالم بمحتواه السريع والجذاب. ولكن، خلف هذا البريق، تبرز العديد من المخاطر القانونية والاجتماعية التي تهدد بنية المجتمع وتستوجب وقفة جادة من الجهات المختصة.
منصة بلا رقابة فعالة
يُعد "تيك توك" بيئة مفتوحة، يمكن لأي مستخدم أن يرفع عليها أي محتوى، دون رقابة مسبقة أو ضوابط واضحة. وهذا ما أدى إلى انتشار فيديوهات تتضمن ألفاظًا بذيئة، وسلوكيات غير أخلاقية، وتحديات خطيرة تشجع على إيذاء النفس أو الآخرين. وهذا النوع من المحتوى يُعد مخالفًا لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية رقم 175 لسنة 2018 في مصر، الذي يجرّم نشر المحتوى الذي يخل بالآداب العامة أو يحرض على العنف أو ارتكاب الجرائم.
استغلال القُصّر والمحتوى المخل
من أخطر ما يواجه المجتمع على "تيك توك" هو استغلال الأطفال والقصر في محتويات ترفيهية ظاهرًا، ولكنها في جوهرها تحمل إيحاءات جنسية أو تُعرّض الطفل للاستغلال. مثل هذه الأفعال تقع تحت طائلة قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر، مما يستوجب تدخل النيابة العامة وإجراءات قضائية صارمة.
انهيار الخصوصية والسلوك القيمي
أصبح البعض يبحث عن الشهرة على حساب كرامته وخصوصيته، ما بين نشر تفاصيل الحياة الخاصة أو القيام بأفعال مثيرة للجدل لجذب المشاهدات. هذه السلوكيات تهدد القيم الدينية والاجتماعية، وتخلق جيلًا يرى أن "الترند" هو الطريق الأسرع للنجاح، ولو على حساب الأخلاق والقانون.
دور الدولة والمجتمع
في مواجهة هذه المخاطر، يجب أن تتكاتف الجهود القانونية والاجتماعية للحد من آثار "تيك توك" السلبية، من خلال:
1. تشديد الرقابة على المحتوى المنشور داخل مصر.
2. ملاحقة الحسابات المخالفة قانونيًا وإغلاقها.
3. نشر التوعية القانونية بين المراهقين وأولياء الأمور حول مخاطر الاستخدام السيئ للتطبيق.
4. إعداد تشريعات أكثر تحديدًا بشأن المحتوى الرقمي وأخلاقياته.
خاتمة
إن "تيك توك" ليس مجرد تطبيق، بل هو ساحة مفتوحة تتداخل فيها القيم والثقافات والأفكار، منها ما هو نافع، ومنها ما هو سامّ ومدمر. لذلك، على كل فرد في المجتمع أن يعي مسؤوليته القانونية والأخلاقية في استخدام هذه المنصات، حتى لا يتحول الفضاء الرقمي من نعمة إلى نقمة.