وفاة الفنان أحمد الحجار بعد صراع مع السرطان.. وداعًا لصوت الطرب الهادئ

غيب الموت الفنان والمطرب المصري أحمد الحجار بعد صراع مرير وطويل مع مرض السرطان، ليُسدل الستار على رحلة فنية وإنسانية امتدت لعقود، تاركًا خلفه إرثًا من الموسيقى، وذكريات لا تُنسى في قلوب محبيه وزملائه في الوسط الفني.
لم تكن وفاة أحمد الحجار مجرد خبر عابر في صفحات الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل كانت صدمة موجعة أصابت قلوب جمهوره، وأصدقائه المقربين، وزملائه في الفن، الذين عرفوه فنانًا مبدعًا وإنسانًا نقيًا، قاوم المرض بشجاعة وصبر، دون أن يُعلن عن معاناته، أو يطلب شفقة أحد.
أكد الفنان حلمي عبد الباقي، عضو نقابة المهن الموسيقية، أن أحمد الحجار كان يُعاني في صمت، ويُخفي آلامه عن الجميع، حتى اشتدت حالته الصحية بشكل مفاجئ، ما أدى إلى تدهور حاد وسريع، انتهى بوفاته. وأضاف عبد الباقي أن الراحل كان مثالًا للرضا والإيمان، إذ لم يشكُ من مرضه، ولم يفقد يومًا ابتسامته التي اعتاد أن يُقابل بها الجميع.
وكان من أوائل من نعى الفنان الراحل، المطرب والنقيب الحالي للمهن الموسيقية مصطفى كامل، الذي كتب عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك": "لا إله إلا الله محمد رسول الله.. خبر وفاتك صدمني، الله يرحمك يا أحمد يا حجار، ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته، يا طيب.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
كلمات صادقة خرجت من قلب موجوع، عبّرت عن الصدمة التي شعر بها كل من عرف أحمد الحجار عن قرب، أو حتى من خلال صوته وأغنياته التي ما دام لامست القلوب.
أحمد الحجار ينتمي لعائلة فنية عريقة، فهو شقيق الموسيقار علي الحجار، وابن الموسيقار الراحل إبراهيم الحجار، وكان من أوائل من مزجوا بين الطرب الأصيل والكلمة الراقية، حيث تعاون في أعمال كثيرة مع كبار الشعراء والملحنين، وله بصمة خاصة في الموسيقى العربية.
امتدت مسيرته على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وقدم خلالها عشرات الأغاني التي علقت في أذهان المستمعين، كما شارك في وضع موسيقى تصويرية للعديد من الأعمال الدرامية، مما أكسبه احترامًا كبيرًا في الوسط الفني.
جاءت وفاة أحمد الحجار بعد أيام قليلة فقط من رحيل الفنانين أحمد عامر وضياء عز الدين، مما ضاعف من شعور الحزن والأسى في الوسط الغنائي المصري، الذي ودّع في فترة قصيرة ثلاثة من أبنائه، كلٌ منهم له بصمته، وتأثيره، وجمهوره الخاص.
وتحوّلت صفحات الفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى دفتر عزاء مفتوح، حيث شارك الكثيرون بكلمات ودعاء وترحم على روح الحجار، مستذكرين أعماله وأخلاقه وهدوءه.
حرصت نقابة المهن الموسيقية برئاسة مصطفى كامل على تقديم العزاء الرسمي في وفاة الفنان أحمد الحجار، كما نعت في بيانها الموسيقار اللبناني زياد الرحباني الذي رحل هو الآخر في نفس اليوم، مما أضفى على المشهد الفني العربي يومًا حزينًا ومثقلًا بالفقد.
وجاء في بيان النقابة: "لقد فقدنا برحيله قامة فنية استثنائية، ومبدعًا متجددًا أسهم في إثراء الموسيقى والمسرح العربي، وترك بصمة خالدة في الوجدان العربي".
برحيل أحمد الحجار، لا ينتهي حضوره في الذاكرة الفنية، بل يظل حيًا من خلال أغنياته وموسيقاه، ومحبته في قلوب الناس. فقد اختار أن يترك الفن يتحدث عنه بعد وفاته، تمامًا كما اختار الصمت في أوج ألمه.
إنها خسارة مؤلمة لفنان عاش نبيلًا، ومات في صمت، لكنه سيبقى حيًا في ذاكرة كل من أحب صوته، واحترم فنه، وعرفه إنسانًا قبل أن يكون مطربًا.