18:10 | 23 يوليو 2019

الإعلامية "سناء منصور" التي سعى الإعلام إليها فأخذته إلى قمة النجاح

6:53pm 30/08/25
الاعلامية سناء منصور
سارة محمد

 

 

"إذاعة الشرق الأوسط من القاهرة"، "المُبدعون يلتقون.. يتألقون.. يبهرون"، "أوسكار فيلم".. جمل إذا سمعتها عرفت أذنك من هي صاحبتها، وأخذتك ذاكرتك لزمن الإبداع والإعلام المصري الجميل.. هي الإعلامية القديرة، التي تميزت بالصوت الرقيق، والملامح الجميلة الهادئة، والكريزما، والشخصية الشغوفة بتعلم كل شيء، تلك المقومات التي أدخلتها مجال الإعلام من أوسع أبوابه، ومنه إلى قلوب المستمعين والمشاهدين كباراً وصغاراً، ثم جعلتها أيقونة من أيقونات الإعلام المصري والعربي، هي الإذاعية الكبيرة سناء منصور. 

 

النشأة والتعليم:

ولدت سناء منصور في ١٢ مايو بقرية كوم الصعايدة بمحافظة بني سويف، كان أهالي البلدة يطلقون على أسرتها عيلة "القاضي"، لأن والدها وجدها كانا قضاه، وكانت أسرتها تريدها أن تلتحق بكلية الحقوق، لأن والدها كان يرى أنها الوحيدة بين أبناءه، التي تُصلح في هذا المجال، ولكنها بعد وفاة والدها التحقت بكلية الآداب، وحصلت على ليسانس الآداب بقسم الصحافة من جامعة القاهرة عام ١٩٦١م. 

 

المشوار الإعلامي:

بدأت سناء منصور مشوارها الإعلامي، بمجال الصحافة، في سن ١٦ عام، بعد نجاحها بالفرقة الأولى بالكلية، عندما اختارها الأستاذ "خليل صابات" أستاذ الصحافة الأسبق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، هي وزميلها بالفرقة الثالثة الصحفي "سمير صبحي"، الذي أصبح بعد ذلك سكرتير تحرير الأهرام، ثم بعد تخرجها من الكلية، عملت بوكالة أنباء الشرق الأوسط. 

 

دخلت سناء منصور مجال الإذاعة بالصدفة، عندما طلبت منها زميلة لها بالعمل، الذهاب معها إلى اختبار المُذيعين بإذاعة الشرق الأوسط، فذهبت معها وقابلوا السيد "ليزلي نايد" والدكتور "عبد القادر حاتم" وهم من مؤسسي الإذاعة، وتحدثوا معها واعجبوا بشخصيتها وعرضوا عليها، أن تقدم للعمل بالإذاعة مع زميلتها، لأن في ذلك الوقت كانوا يجهزوا لبث الإذاعة، ويحتاجون إلى عدد من المُذيعين، فوافقت سناء منصور، وتقدمت للإختبار ونجحت، وتدربت على جميع فنون الإذاعة لمدة ٦ أشهر، وكانت بدايتها كمذيعة إذاعية، بدأت مع أول بث لإذاعة الشرق الأوسط، من قصر عابدين (لأن في ذلك الوقت، كان لم يتم إنشاء مبنى ماسبيرو) وأصبحت سناء منصور صاحبة أول صوت انطلق، ليعلن عن مولد إذاعة الشرق الأوسط، عام ١٩٦٤م بجملة "إذاعة الشرق الأوسط من القاهرة"، وحققت في عملها بالإذاعة نجاحاً كبيراً خلال الفترة ١٩٦٤ - ١٩٦٨م، وحصلت على شهرة بجميع الوطن العربي، برقة صوتها وبرائتها، وشخصيتها الجميلة. 

 

محطة الإعلام بفرنسا:

سافرت سناء منصور إلى فرنسا في منحة دراسية لمدة عام، بجامعة "السوربون" عام ١٩٦٨م، من أجل التعلم واكتساب المهارات، بالرغم من الشهرة التي حققتها في مصر والوطن العربي، إلا أنها تركت كل هذا ورجعت إلى نقطة الصفر، منذ وصولها إلى باريس "عاصمة النور"، وبدأت رحلة الجد، تذهب إلى الجامعة بالمترو الدرجة الثانية يومياً، وتأكل "سندوتشين" في أول أسبوعين من الشهر، وباقي الشهر يتراجع إلى "ساندويتش" واحد فقط، وترتدي ملابسها، التي أتت بها من مصر، وتنظر سناء منصور صاحبة الإسم اللامع بمجال الإذاعة، والمعروفة بأنقتها وحبها الشديد لشراء كل جديد في عالم الأزياء، والتي تعيش في باريس "عاصمة الموضة"، إلى الملابس في "الفاترينات" فقط، دون أن تشتري، ولم يقف الأمر إلى هذا، بل عملت جليسة أطفال، وكانت تجلس مع الأطفال في المتنزهات، في انتظار خروج أسرهم من العمل، وتتقاضى ٥ فرنك لكل ساعة، وعملت مدرسة للغة العربية، واستمرت على هذا الحال لمدة عامين. 

 

بعد ذلك، تحسنت أحوال سناء منصور المادية والمعنوية، بعملها في راديو فرنسا الرسمي، الموجه إلى شمال إفريقيا، بمساعدة الإعلامي محمد الشاعر، الذي كان يعمل مذيعاً بنفس الراديو، وعلم أن سناء منصور بفرنسا، وتعاني الأحوال المعيشية الصعبة، فرشحها للعمل بالراديو، كما شاركت في عدة أعمال مسرحية، كانت تُقدم باللغة العربية، والتي جعلتها تتمكن من اللغة العربية أكثر، وتُخرج الحروف بطريقة أفضل. 

 

إنتقلت سناء منصور إلى العمل براديو "مونت كارلو"، عندما توجه أحد مؤسسي راديو مونت كارلو، إلى القسم العربي براديو فرنسا الرسمي، ليختار موذيعين عرب للعمل بالراديو الجديد، فرشحوا له الإذاعية سناء منصور، وبعد أن كانت تعمل في راديو فرنسا الرسمي بمرتب جيد جداً، عُرض عليها نصف ما كانت تتقاضاه بالعمل الجديد، وعندما اعترضت، قال لها مؤسس الإذاعة "كم شخص حولك أُتيحت له فرصة إنشاء إذاعة؟ ستكونين واحدة من هؤلاء، وعليكِ دفع الثمن"، إنها تجربة إذا فشلت، فإنها مجرد تجربة، وستتعلمي منها، وإن نجحت، ستنجحي معها"، فأشعلها التحدي ووافقت، وانتقلت إلى العيش بإمارة "موناكو"، ووفر لها مسكن ببناية فاخرة، وعاشت حياة الأميرات، وخلال ١٧ يوماً فقط، وبمفردها بدون مهندس صوت، أو مذيعين، أو مخرجين، عملت سناء منصور بكل طاقتها لتجهيز الراديو، لتنجح في المهمة الصعبة، التي كُلفت بها. 

 

وتم افتتاح محطة "مونت كارلو" عام ١٩٧٢م، بالنشيد الوطني لإمارة موناكو، وبدأت سناء منصور البث بمفردها، ورأت الإنبهار بعيون أصحاب المحطة، برغم عدم معرفتهم باللغة العربية، وحملوا لها زهرة "البيجة"، (التي تشبه الفل في مصر) الملفوفة بشريطة، وهو تقليد تتبعه الإمارة في عيد العمال، وقال لها المدير "لم أصدق أن تظهر المحطة بموعدها فعلياً، لقد راهنت على ذلك، وكثبتي أنتِ الرهان"، وعملت الإذاعة ببث ٤ ساعات يومياً، من الرابعة ظهراً، إلى الثامنة مساءً، بمقابل ٤ ألاف و٥٠٠ فرانك، نصف المرتب التي كانت تتقاضاه سناء منصور في راديو فرنسا، وبعد أسبوع، دعاها المدير للغداء، وأخبرها بأنه أتى بمذيعين لمساعدتها، وتم زيادة راتبها إلي ١٠ الآف فرانك، لأنها جعلت من حُلمه حقيقة، ونجحت سناء منصور وحققت نجاحاً منقطع النظير بالراديو. 

 

محطة العودة إلى الإعلام في مصر:

عادت سناء منصور إلى مصر مرة أخرى، بعد ١١ عاماً من الغربة، بطلب من الإعلامية "تُماضر توفيق"، أول رئيسة للتليفزيون المصري، بعد أن أرسلت لسناء منصور رسالة، مع المخرج الراحل يحيى العالمي، وقالت فيها "عيب عليكي السنين دي كلها، وانتي برا مصر، ارجعي مكانك ومطرحك في التليفزيون المصري". 

 

ترأست سناء منصور قطاع القنوات الفضائية، باتحاد الإذاعة والتليفزيون عام ١٩٩٥م، وكانت تحرص على نجاح القناة، الذي تعتبره من نجاحها، وكانت ترفض الوساطة، وعندما كان السيد صفوت الشريف وزير الإعلام حين ذاك، يرسل لها أوراق توصية، كانت تتجاهلها، لكنه كان يوافقها لثقته بها، ويترك لها مطلق الحرية، وكان يقول عنها، "عندنا رئيسة قطاع مجنونة، لا تقبل التوصية"، وكان يريد للقناة أن تبدو بأفضل صورة. 

 

كانت سناء منصور تختار المذيعين بعناية شديدة من خريجي الجامعة الأمريكية ومعهد السينما، ومن الكوادر الشبابية الذين تدربوا على يدها، المخرج سامح عبد العزيز، والفنان أحمد حلمي، والفنانة داليا البحيري، والإعلامية ريهام السهلي (أبنة أختها)، وياسمين عبدالله وريم الشافعي، وإسماعيل فاروق، وطارق فهمي، وغيرهم، وعندما كانت تختار المذيع، كانت تسأله "أنت عاقل ولا مجنون؟" وتستبعد من يقول لها عاقل، لإن الإعلام يريد الشخص الغير تقليدي، واستعانت بكبار الإعلام لتدريب المذيعين الجدد مثل: الإعلامي أحمد رضوان، والإعلامية هالة الحديدي، والإعلامي محمود سلطان، وكانت سناء منصور تقوم بدور الإستايلست، والمخرج، ومدير التصوير للمذيعين بالقناة، وظلت الفضائية المصرية رقم واحد على مدى ٦ أعوام، وكان الحد الأني للإيراد الإعلاني بالقناة، يصل إلي ٤٩ مليون جنيه، عندما تركتها في عام ٢٠٠١م. 

 

البرامج التي قدمتها:

قدّمت سناء منصور خلال مسيرتها الإعلامية، عدداً كبيراً من البرامج الإذاعية والتليفزيونية الناجحة منها: "ما يطلبه المستمعون"، و"أوافق أمتنع"، و"وراء المانشتات"، و"ضيف رغم أنفك، و"مكتبة أديب"، و"أبجد هوز"، وللأطفال: "للصغار فقط"، و"عالم غريب"، "وروضة الأطفال"، و "فرافيرو العجيب"، "وفانتستيكا". ومن أشهر برامجها التليفزيونية: "أوسكار"، و"الإحتياط واجب"، و"قبل المدرسة، و"أبجد هوز"، و"موسيقى البوب"، و"تحقيق"، و"الكاميرا تفكر"، و"الظل الأحمر"، و"٢×١"، و"س سؤال ج جائزة" و"دنيا سناء" و"بيوت مصر الجميلة". ومثلت سناء منصور أمام سعاد حسني وحسين فهمي، دور البطولة الثانية في المسلسل الإذاعي "ليلة واحدة" عن قصة الكاتبة "كوليت خوري". وتقدم البرنامج التليفزيوني"السفيرة عزيزة"، الذي يذاع على شبكة قنوات DMC، وهو برنامج يتناول كل ما يخص المرأة من قضايا ومشكلات، وصحة وموضة وفنون، وفي جميع المجالات، ويشاركها تقديم البرنامج، نهى عبد العزيز، وجاسمين طه زكي، وشيرين عفت.. 

 

مناصبها داخل وخارج مصر:

- شاركت في تأسيس راديو "مونت كارلو"، الموجه للعالم العربي، وأصبحت مسؤولة البرامج بالراديو. 

 

- عملت خبيرة لبرامج الأطفال بمنطقة الخليج العربي، لمدة ٦ أسابيع تبعاً لمنظمة "اليونيسيف"، عام ١٩٨١م. 

 

- عُينت مديرة في إدارة البرامج الخفيفة والمنوعات، بإذاعة الشرق الأوسط عام ١٩٨٤م. 

 

- تولت منصب رئيس قطاع القنوات الفضائية، باتحاد الإذاعة والتليفزيون، 

عام ١٩٩٥م، حتى تقاعدها عام ٢٠٠١م.  

 

التكربمات داخل وخارج مصر:

- حصلت سناء منصور على وسام الدولة للعلوم والفنون من الطبقة الأولى. 

 

- كرمها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باحتفالية المرأة المصرية والأم المثالية عام ٢٠٢١م. 

 

- تم تكريمها من المهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون، الذي ينظمه اتحاد إذاعات الدول العربية "آسبو"، بدورته الـ٢٢ في الرياض بالمملكة العربية السعودية، عام ٢٠٢٢م، لتكون الإعلامية المصرية الوحيدة، التي تُكرّم كأحد رموز الإذاعة والتليفزيون المصري، خلال المهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون. 

 

- تم تكريمها من الهيئة الوطنية للإعلام، بالإذاعة المصرية بمبنى الوطنية للإعلام عام ٢٠٢٣م، في احتفالية تحت شعار "يوم الوفاء"، لتكريم رموز ورواد العمل الإعلامي في بيتهم بالإذاعة المصرية، تقديراً وعرفاناً لدورهم الرائد في العمل الإذاعي، ولما بذلوه من جهد مخلص في تجويد وتطوير المحتوى الإعلامي، وتقديم رسالة إعلامية تنموية توعوية للمواطن المصري.

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum