احداث هامه مع نور سلامه

في يومٍ من أيام ربيع عام 1256م، انهارت أسطورة كانت ترعب الشرق والغرب على حدٍّ سواء، حين سقطت قلعة ألموت، المعقل الحصين لـ"فرقة الحشاشين"، في قبضة هولاكو خان وجيش المغول، إيذانًا بانتهاء عهدٍ طويل من الاغتيالات السياسية والسرية القاتلة.
القلعة التي سكنت الجبال وسكنت الرعب
تقع قلعة ألموت شمال إيران، على ارتفاع شاهق وسط جبال "ألبرز"، وكانت من الصعب اختراقها عسكريًا. تأسست كحصن دفاعي، لكن في القرن الحادي عشر الميلادي، تحولت إلى مقر دائم لـ"الحشاشين" بقيادة حسن الصباح، زعيم الطائفة الإسماعيلية النزارية، الذين اتخذوا منها مركزًا لتخطيط وتنفيذ عمليات اغتيال منظمة ضد خصومهم من السلاجقة والصليبيين على حد سواء.
هولاكو والتكليف الأكبر
جاء هولاكو إلى المنطقة بأمر من الإمبراطور المغولي "منكو خان"، بهدف القضاء على القوى الإسلامية في فارس والعراق، تمهيدًا لإسقاط الخلافة العباسية في بغداد. وكان أول هدف عسكري له هو تفكيك البنية السرية للحشاشين، الذين أبدوا قوة تأثير كبيرة في بلاطات الملوك والسلاطين.
بدأ الحصار في صيف 1256م، واستمر عدة أشهر. ورغم تحصينات القلعة، إلا أن التكتيك النفسي الذي اتبعه هولاكو، إضافة إلى تفوقه العددي والتسليحي، دفع زعيم الحشاشين آنذاك "ركن الدين خورشاه" إلى الاستسلام دون قتال يُذكر، في مشهد صادم أنهى قرنين من الغموض والرعب.
حرق الكتب... وإحراق التاريخ
بعد السيطرة على القلعة، أمر هولاكو بجمع مكتبة ألموت الزاخرة بآلاف الكتب والمخطوطات النادرة، والتي كانت تضم علومًا شتى، فاختار بعضها لإرسالها إلى منكو خان، وأمر بإحراق الباقي، في واحدة من أبشع المجازر الثقافية في التاريخ.
نهاية مرحلة... وبداية أخرى
مثّل سقوط قلعة ألموت بداية النهاية للطائفة النزارية في إيران، كما شكل تمهيدًا مباشرًا لغزو بغداد عام 1258م وسقوط الخلافة العباسية. ولعلّ في هذا الحدث رسالة عميقة: حين يسقط الرعب المنظم، تسقط معه أسطورته مهما طال أمدها.