بعد حريق سنترال رمسيس: كيف نُساند الدولة بدلًا من إدانتها؟ بقلم : نور سلامة

اندلع حريق مفاجئ في سنترال رمسيس، أحد المرافق الحيوية في قلب العاصمة المصرية، وتحوّل الحدث سريعًا من واقعة تحتاج إلى إدارة ومعالجة إلى ساحة اتهامات وتأويلات وسيل من اللوم على الدولة، وكأن الخطأ جريمة لا تُغتفر، وكأننا في مدينة فاضلة لا تعرف النقص ولا الخطأ.
وهنا، لا بد أن نطرح السؤال الأهم:
هل المطلوب هو إصلاح الخلل، أم جلد الذات والبحث عن كبش فداء؟
الحقيقة التي لا يجب أن نغفلها أن الدولة ـ أي دولة في العالم ـ قد تُخطئ، وقد تُقصّر، لكنها لا تستحق كل هذا الهجوم غير المنصف الذي يصوّر أي خطأ على أنه نهاية العالم.
نحن بشر، ولسنا ملائكة.
والدولة التي تُخطئ وتصحح هي أفضل ألف مرة من دولة تصرّ على إنكار الخطأ.
لكن البعض، خاصة من الإعلاميين أصحاب "الأدمغة الإسفنجية"، لم يفهموا بعد أننا في مرحلة جديدة، مرحلة بناء الدولة، لا هدم العقول.
لقد ولى زمن التهييج وتصدير الغضب للجماهير، وولى زمن "المذيع الواعظ" و"الكاتب القاضي"، وبدأ زمن المسؤولية والمهنية.
كفى هروبًا من مواجهة الحقائق، وكفى استغلالًا لكل أزمة لتحقيق مكاسب رخيصة.
نعم، هناك خطأ.
نعم، كان من الممكن منعه أو احتواؤه بشكل أسرع.
لكن لا، لم ولن تقع مصر.
مصر أكبر من حادث، وأقوى من شائعة، وأمضى من كل حملات الهدم والتشكيك.
رسالتنا اليوم: دعونا نُساند، لا نُدين.
نبني، لا نهدم.
نفكر، لا نصرخ.
لقد ملّ المواطن من نبرة التخوين والتشكيك، وملّ أولاده، بل وحتى قططه وكلابه وحمير بيته ـ لو نطقت ـ لقالت: "ارحمونا من الوجوه المستهلكة".
إن كانت هناك أزمة، فلنواجهها بعقل.
وإن كان هناك تقصير، فلنطالب بمحاسبته ضمن مؤسسات الدولة، لا عبر الشاشات وصفحات التواصل.
مصر لن تقع.. ولن تسقط.
بل ستنهض، مهما اشتعل الرماد.