18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب:يتظاهرون في تل أبيب ويهاجمون من يحمي العروبة!!

11:43am 01/08/25
الكاتب الصحفي فريد عبدالوارث
فريد عبدالوارث

في زمن تختلط فيه الشعارات الزائفة بالحقيقة، و يعلو صوت المتلونين فوق أصوات المنطق و العقل، تطل جماعات الإسلام السياسي من جديد، في مشهد عبثي لا يخلو من التناقض، و هي تتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، على أرض المحتل، في محاولة يائسة لتشويه صورة الدولة الوحيدة التي دفعت من دماء أبنائها، و أمنها القومي، و دورها الإقليمي، ثمنًا ثابتًا من أجل فلسطين.

 

هذا السلوك ليس فقط نكرانًا للجميل، بل يكشف الوجه الحقيقي لجماعات لا ترى في القضية الفلسطينية إلا وسيلة للمتاجرة السياسية، و سلاحًا تستخدمه حين تشاء ضد خصومها، حتى وإن كانوا من أشد المدافعين عن الشعب الفلسطيني.

 

مصر الأفعال و ليس الشعارات

 

منذ اندلاع العدوان الأخير على غزة، كان الموقف المصري واضحًا وصلبًا: لا للتهجير، لا لاقتطاع الأرض، لا لفرض الحلول على حساب الفلسطينيين، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح أن سيناء خط أحمر، وأن مصر "لن تسمح بأي محاولة لفرض واقع جديد على حدودها"، مجسدًا بذلك موقفًا استراتيجيًا نابعًا من عقيدة قومية لا تُساوَم.

 

و في العمق الاستراتيجي لسيناء، يخوض الجيش المصري حربًا شرسة ضد الإرهاب، و يؤمن الحدود الشرقية حمايةً للأمن القومي و لمنع تهريب السلاح أو تهجير المدنيين تحت ستار "المساعدات"، لقد دفعت مصر ثمنًا باهظًا من دماء أبنائها في سيناء، ليس فقط لحماية ترابها، بل لحماية عمقها العربي.

 

تحدي مصر لواشنطن: قرار مستقل لا يُملى عليه

 

و لعل أبرز دليل على استقلال القرار المصري و رفضه للخضوع لأي ابتزاز سياسي، هو ما حدث مؤخرًا حين رفض الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوة رسمية لزيارة البيت الأبيض، في ذروة الحرب على غزة، وذلك احتجاجًا على استمرار الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني.

 

موقف لم يجرؤ على اتخاذه كثيرون، وجاء ليؤكد أن مصر لا تتحرك وفق أجندات خارجية، بل وفق معايير أخلاقية وسياسية واضحة: العدالة، السيادة، والرفض التام لأي حلول تُفرض على حساب الفلسطينيين.

 

في وقت كانت بعض العواصم تتهامس وتتراجع، وقفت القاهرة علنًا لتُذكّر الجميع بأن الكرامة الوطنية لا تخضع لصفقات، وأن فلسطين ليست ملفًا تفاوضيًا، بل التزامًا تاريخيًا لا يُساوَم عليه.

 

أمام سفارة مصر.. وعلى أرض إسرائيل!

 

مفارقة لا تقل فجاجة عن المشهد نفسه: أن تتظاهر جماعات تحمل شعارات "نصرة الأقصى" أمام سفارة مصر في تل أبيب، لا أمام سفارات الدول التي هرولت للتطبيع، ولا أمام حكومة الاحتلال التي ترتكب المجازر يوميًا بحق المدنيين.

 

لماذا مصر؟ لأن مشروع هذه الجماعات لا يتعلق بفلسطين بقدر ما يرتبط بمعاداة الأنظمة الوطنية، وعلى رأسها مصر، التي أسقطت مشروعهم السياسي في 2013، وكشفت ارتباطاتهم الخارجية وتنظيماتهم السرية.

 

أيديولوجيا متلونة... وازدواجية مزمنة

 

تيارات الإسلام السياسي لطالما تماهت مع "البراغماتية" إلى حد الفوضى. يدّعون الدفاع عن فلسطين، بينما يتاجرون بدماء أطفال غزة، و يتغاضون عن ممارسات الاحتلال، بل أحيانًا يتحالفون ضمنيًا مع جهات أجنبية بحجة "المصلحة الكبرى".

 

الغياب العربي... وسؤال الضمير

 

في خضم هذا المشهد، يغيب الصوت العربي الجماعي، أو يتراجع خلف ستار المجاملات الدبلوماسية، ما تحتاجه فلسطين هو دعم سياسي حقيقي، وموقف موحد يرفض تصفية القضية، ويمنع تهجير شعبها، ويكشف المتاجرين بها.

 

من يحمي فلسطين حقًا؟

 

الواقع يقول: مصر، رغم كل ما تواجهه من تحديات داخلية و خارجية، ظلت على العهد، فتحت معبر رفح في أحلك الظروف، أرسلت أطنان المساعدات، و استقبلت الجرحى، ورفضت مشاريع التهجير، ورفضت أيضًا أن تُستخدم كأداة في سيناريوهات لا تخدم إلا الاحتلال.

 

أما الذين يتظاهرون في تل أبيب، فهم أنفسهم من خانوا حلم الدولة الفلسطينية حين جعلوا "الأيديولوجيا" فوق "الوطن"، والشعار فوق الفعل، والحسابات السياسية فوق معاناة الأبرياء.

 

فلسطين ليست دعاية... فلسطين حق، ومَن يحميها لا يضع قدميه في شوارع تل أبيب، بل على خطوط المواجهة الحقيقية للكرامة العربية.

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum