18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: من يُمثلنا؟ حين تُقصي الأحزاب الكفاءات و تحتفي بالتابعين

11:31pm 12/08/25
فريد عبد الوارث
فريد عبد الوارث

في كل دورة انتخابية، تتوجه الأنظار إلى صناديق الاقتراع على أمل أن تحمل التغيير المنشود، و النهضة المرتقبة، والإصلاح الموعود. لكن ما إن تُفرغ الصناديق من أوراقها، حتى تفرغ الآمال معها، و يعود المشهد السياسي إلى دورته المكرورة من الفشل و التراجع و الإخفاق، و السبب؟ ليس في الناخب وحده، بل في من قُدِّم إليه ليختار منه.

 

لقد بات من الجلي أن كثيرًا من الأحزاب السياسية — بمختلف توجهاتها — لم تُحسن اختيار مرشحيها خلال الدورات السابقة، بل في كثير من الأحيان، كانت خياراتها خاضعة لمعايير الولاء الشخصي، أو الحسابات القبلية والمناطقية، أو حتى لسلطة المال و النفوذ، لا لمقياس الكفاءة و النزاهة والرؤية الوطنية.

 

أخطاء الماضي تتكلم بصوت مرتفع

 

نرى في المجالس المنتخبة نوّابًا لا يمتلكون الحد الأدنى من الدراية بالقوانين أو فهمًا دقيقًا لدورهم التشريعي و الرقابي، و نسمع خطابات تفتقر إلى العمق و تزخر بالشعارات الجوفاء، بينما تُغيب القضايا الحقيقية التي تمس المواطن، ولا نبالغ إن قلنا إن بعض هؤلاء لم يكونوا ليصلوا إلى مواقعهم لولا أن الأحزاب ذاتها ضحّت بمصداقيتها في سبيل صفقات انتخابية قصيرة النظر.

 

وقد أدى هذا الانحدار في مستوى التمثيل السياسي إلى نتائج كارثية، ليس فقط على مستوى الأداء البرلماني، بل أيضًا على ثقة المواطن بالعملية السياسية برمّتها، حتى بات كثيرون ينظرون إلى الانتخابات كمجرد مسرحية عبثية، لا تعكس الإرادة الشعبية بقدر ما تعيد إنتاج الفشل.

 

آن الأوان لتغيير قواعد اللعبة

 

إذا كانت الأحزاب السياسية حقًّا تؤمن بدورها كوسيط بين الشعب و الدولة، وكأداة لتحقيق الإصلاح والتغيير، فإن أولى خطواتها نحو ذلك يجب أن تبدأ من الداخل، من غرفة اتخاذ القرار، من لجان الترشيح.

 

ينبغي أن تُبنى معايير اختيار المرشحين على أسس منطقية و واضحة، تُقدّم الكفاءة على الانتماء، والنزاهة على المصالح، و الرؤية على الولاءات، و من هذه المعايير التي لا بد من تبنيها:

 

الخبرة العملية والعلمية، يجب ألا يكون الترشح مكافأة، بل مسؤولية، تتطلب مؤهلات حقيقية.

 

السيرة الذاتية والسلوك الأخلاقي، ما مضى من أفعال المرشح يجب أن يُفحص بدقة، لأنه مؤشر لما هو قادم.

 

القدرة على التواصل و خدمة المجتمع، لا يكفي أن يكون المرشح مثقفًا، بل يجب أن يكون قريبًا من الناس، ملمًّا باحتياجاتهم.

 

الاستقلالية الفكرية والقدرة على اتخاذ القرار، يجب أن يُختار من يملك الشجاعة في قول "لا" حين تكون المصلحة العامة في خطر.

 

و ختاماً .. إما أن نُحسن الاختيار... أو نظل ندفع الثمن، فلقد دفع المواطنون — بكل صبر ومرارة — أثمان اختيارات خاطئة فرضتها عليهم أحزابٌ لم تتّعظ من دروس الماضي، و اليوم، في ظل ما يشهده العالم من تغيرات، وما تواجهه الأوطان من تحديات، لم يعد هناك متسع لمزيد من المجاملات السياسية ولا العبث الانتخابي.

 

إما أن تتحمّل الأحزاب مسؤولياتها التاريخية وتُعيد النظر جذريًا في آليات ترشيحها، أو أن تستعدّ لمرحلة من التلاشي التدريجي، حيث يفقدها الشارع الثقة، و يبحث المواطن عن بدائل خارج السرب الحزبي التقليدي.

 

الرهان الحقيقي يبدأ من الاختيار، فإمّا أن نُحسن الاختيار... أو نظل ندفع الثمن.

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum