18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب: رسالة إلى ضمائركم ارفعوا الوصاية عن عقول الناس

1:57pm 14/08/25
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

قد سبق وتناولت فى مقال سابق نفس المفاهيم ونفس المضمون ولكن ما نراه الآن من حالة انقسام شديدة على مواقع التواصل حول الحدث الواحد وخاصة بعد انتخابات الشيوخ وفي ظل زمن تتسارع فيه الأحداث، وتشتد فيه المعارك الفكرية والسياسية، أصبحنا نرى البعض يمنحون أنفسهم صكوك الحق المطلق، فيوزعون الاتهامات كما يشاؤون، ويصنفون الناس بين وطني وخائن، نقي وملوث، شريف ومرتزق، وكأنهم أوصياء على العقول والضمائر. هذه الظاهرة ليست إلا صورة من صور التعصب الفكري والمرض النفسي الذي يفتك بالمجتمعات ويزرع الكراهية بين أبنائها.
لماذا ترى لنفسك الحق في الاختيار، وإبداء الرأي، والنقد، بل وتوجيه الاتهامات، بينما تحرم غيرك من نفس هذا الحق؟
لماذا تدافع عن قناعاتك وكأنها الحق المطلق الذي يباركه الله، بينما تصف قناعات الآخرين بأنها ملعونة أو ملوثة أو مشبوهة؟
لماذا ما تراه أنت "دعماً" هو شرف وواجب، وما يراه غيرك "دعماً" هو خيانة ورشوة وبيع للضمير؟
قد ترى شيئًا قبيحًا وفق معاييرك، بينما يراه غيرك جميلًا، وما تراه خطأ قد يراه غيرك صوابًا. هذه هي طبيعة الاختلاف التي لا تستقيم الحياة بدونها.
قد ترى شيئًا سيئًا حسب معاييرك، لكن يراه غيرك خيرًا.فلا تفتش في الضمائر، 
لماذا قناعاتك "مباركة" وقناعات الآخرين "ملعونة"؟هل تظن أن الله رفعك مرتبة فوق البشر لتكون أنت من يحلل ويحرم حسب هواك؟ لماذا ترى لنفسك الحق في الاختيار، وإبداء الرأي، والنقد، بينما تحرم غيرك من نفس هذا الحق؟لماذا ما تراه أنت "دفاعًا عن الوطن" هو شرف وواجب، بينما ما يراه غيرك "دعماً" هو خيانة وبيع للضمير؟
الوصاية على العقول ليست شجاعة ولا حرصًا على الحق، بل مرض يلبس ثوب الفضيلة. والمجتمع الذي يضيق بالآراء المختلفة لن يتسع لأحلامه، والحرية التي نحتكرها لأنفسنا ليست حرية بل استبداد مقنع.
#لقد آن الأوان لرفع الوصاية عن عقول الناس، والتخلي عن أمراض النفس من حقد وغل، وأن نمنح غيرنا نفس المساحة التي نمنحها لأنفسنا. الانتخابات قادمة؛ ادعم من شئت، وجاهر برأيك، لكن دع غيرك وشأنه، فالله لم يعطِك توكيلاً لمحاسبة البشر، ولم يرفعك مرتبة لتحلل وتحرم وفق أهوائك.
إذا أردنا وطنًا يسع الجميع، فعلينا أن نتعلم احترام اختلافنا قبل أن نتعلم الدفاع عن اتفاقنا. فالمجتمع الذي يضيق بالآراء المتنوعة، لن يتسع لأحلامه، والحرية التي نحتكرها لأنفسنا ليست حرية، بل استبداد مقنع. ارفعوا أيديكم عن عقول الناس، واتركوا لكل إنسان قراره وقناعته، فالتاريخ لا يذكر من كان وصيًا، بل يذكر من كان حرًا وأطلق الحرية لغيره.
ارفعوا أيديكم عن عقول الناس، واتركوا لكل إنسان قراره وقناعته، فالتاريخ لا يذكر من مارس الوصاية، بل يذكر من أطلق الحرية وأمن بالاختلاف.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum