18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: التدقيق في الاختيار... أول خطوة نحو برلمان يُشبه الناس

11:03pm 27/08/25
فريد عبد الوارث
فريد عبد الوارث

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة، تعود الساحة السياسية لتغلي، و تدب الحياة من جديد في الشوارع و المقاهي و وسائل التواصل، حيث لا صوت يعلو فوق صوت السؤال الأهم: من يستحق أن يمثلنا تحت قبة البرلمان؟

 

إنها لحظة فارقة، لا يُستهان بها، و لا تُقاس فيها الأمور بالمظاهر أو الأسماء اللامعة، فالمواطن اليوم لم يعد ذلك المتلقي البسيط الذي تُخدعه صورة ضخمة أو وعود منمّقة، بل صار أكثر وعيًا بأن المستقبل يُصنع من صناديق الاقتراع، وأن "من وضع ثقته في غير موضعها، ندم ساعة لا ينفع الندم."

 

لقد جُرّب الكثيرون من قبل، و اختيرت أسماء على غير دراية، ولا خبرة، ولا رؤية، فماذا كانت النتيجة؟ خيبة أمل تتلوها خيبة، نواب اختفوا بعد فوزهم، وكأن أبواب مكاتبهم أُغلقت بمفاتيح من صمت، شعارات تبخرت، ووعود ذهبت أدراج الرياح، وكأنها لم تكن إلا مسرحية انتخابية كتبت نهايتها ليلة إعلان النتائج.

 

إن الناخب الذي يشعر بأن صوته قد خُدع، لا يعود بسهولة إلى صندوق الاقتراع، وتُزرع في قلبه بذور اللامبالاة، وربما القطيعة مع الحياة السياسية برمتها، وهذا تحديدًا ما يُضعف الديمقراطية ويُشوّه صورتهافكيف نلوم الناخب على العزوف، ونحن من دفعه إليه بإعادة إنتاج نفس الوجوه والخيارات الفاشلة؟

 

"الضرب في الميت حرام"، هكذا يقول المثل الشعبي، ولكن حين يتحول البرلمان إلى مكان خالٍ من الحياة السياسية الحقيقية، لا صوت فيه يُعبّر عن الناس، ولا قانون يخرج من رحم معاناتهم، فمن المسؤول؟

 

ولا يمكن الحديث عن الانتخابات دون التطرق إلى المال السياسي، ذاك الغول الصامت الذي يبتلع النوايا الطيبة، و يحوّل العملية الانتخابية إلى سوق نخاسة، المال الذي يُدفع اليوم لشراء الأصوات، يُسترد غدًا من قوت المواطن و مشاريعه وخدماته، فهل نرضى أن تُباع إرادتنا؟ أن تُقايض كرامتنا بمبلغ زهيد أو خدمة وقتية؟ "اللي يبيعك بالفُلوس، بيشتريك تاني لو لقى أرخص!"

 

نحن لا نُطالب بالمثالية، بل نُطالب بالواقعية، نُريد مرشحًا نراه على الأرض، يعمل قبل أن يتحدث، ويُجيد الاستماع لا فقط الخطابة، مرشحًا من الناس، وللناس، و بالناس، لا نريد غائبين في البرلمان، ولا صامتين في اللجان، بل من يقف مدافعًا عن الحق، حارسًا لمصالح دائرته، وأمينا على مستقبل الوطن.

 

وإننا إذ نقول هذا، فليس تحذيرًا فقط، بل دعوة صريحة لكل ناخب أن يُدقّق في خياراته، و يتحقق من نوايا مرشحيه، ويسأل عن تاريخهم لا عن عدد، فالأوطان لا تبنى بالصدف، و لا تتقدم بالمجاملات، بل بالاختيارات الواعية.

 

و في نهاية المطاف، صوتك أمانة، و صاحب الأمانة لا يُفرّط، فإن أسأت الاختيار، فلا تلم إلا نفسك. وإن أحسنت، فقد وضعت لبنة جديدة في صرح الوطن.

 

"فاختر اليوم، كي لا تندم غدًا..."

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum