18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: المولد النبوي: نورٌ يتجدد في ظلمة العالم الإسلامي

12:56pm 04/09/25
المولد النبوي الشريف
فريد عبد الوارث

تهلّ علينا ذكرى المولد النبوي الشريف في وقتٍ تعصف فيه الأزمات بالعالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، من فلسطين الجريحة إلى سوريا المنكوبة، و اليمن الممزق تحت نيران الحرب و الفقر و الجوع، وصولا للسودان المقسم و المهدم، بينما يقف العالم صامتًا – أو متواطئًا – أمام عربدة الاحتلال الإسرائيلي، التي تجاوزت حدود الوحشية حتى باتت لا تُقارن إلا بالمجازر التي سطّرها التاريخ كوصمة في جبين الإنسانية.
و رغم أن ذكرى مولد سيد الخلق محمد ﷺ هي لحظة روحانية سامية، تنبع منها رسائل السلام والرحمة، إلا أن قلوب المسلمين هذا العام مثقلةٌ بالحزن، وأرواحهم تتساءل: كيف نحتفل بميلاد من بُعث رحمةً للعالمين، في حين تُذبح شعوب بأكملها على مرأى ومسمع من العالم؟
فلسطين... مهد الجراح
في غزة، التي تحوّلت إلى مقبرة مفتوحة للأطفال والنساء و الشيوخ، يُحيي الفلسطينيون ذكرى المولد النبوي في ظلال الموت والدمار، لم تعد الزينة تملأ الشوارع، بل ملأتها رائحة البارود، وأنقاض البيوت، وأصوات الثكالى، و مع ذلك، ما زال صوت الأذان يعلو، و ما زالت المساجد تلهج بذكر المصطفى ﷺ، و كأن غزة تريد أن تقول للعالم: رغم الألم، نحن هنا، باقون، و نحتفل بالنبوة كفعل مقاومة و صمود.
سوريا واليمن... حكايات من الرماد
في سوريا، يختلط عبق المولد النبوي برائحة الدمار والمآسي، فيما تُقام بعض الفعاليات الرمزية في مناطق سيطر عليها اليأس، دون أن تنطفئ جذوة الإيمان، أما في اليمن، حيث الجوع يفتك بالأطفال، تُرفع الرايات الخضراء خجولةً فوق رؤوسٍ أنهكها التعب، و كأن الشعب يريد أن يتنفس لحظة أمل واحدة في خضمّ الكارثة.
العالم المتواطئ... وشرعية القتل العلني
أما إسرائيل، فهي تواصل اعتداءاتها الوحشية على الشعب الفلسطيني دون رادع، في ظل صمت دولي مخزٍ، يكاد يتحوّل إلى تواطؤ فعلي، مشاهد القتل، التهجير، قصف المستشفيات و المدارس، لم تعد تثير الغضب العالمي كما في السابق؛ بل أصبحت تُقابل بتبريرات سياسية أو تجاهلٍ متعمَّد، وكأن دماء المسلمين بلا قيمة.
الاحتفال بالمولد النبوي في هذا السياق لم يعد مجرّد طقسٍ ديني، بل بات رسالة مقاومة ضد الظلم، و تأكيدًا على أن الرحمة التي جاء بها محمد ﷺ هي النور الذي لا يمكن أن يُطفأ، مهما اشتد ظلام الحقد والاستبداد.
ميلاد الأمل من رحم الألم
قد لا تُضاء الشوارع بالفوانيس، و لا تُقام الموالد الكبرى كما في سنوات السلام، لكن قلوب المؤمنين حول العالم تحتفل، تلهج بالصلاة على النبي، وتجد في ذكراه معنىً للثبات في وجه كل هذا الظلم.
إننا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى استلهام سيرة النبي محمد ﷺ، لا كمجرد ذكرى دينية، بل كمنهج حياة: في مقاومة الطغيان، ونصرة المستضعفين، وإعلاء كلمة الحق في وجه من يظنّ نفسه فوق القانون، و فوق الإنسان.
فليكن مولد الرسول الكريم ﷺ هذا العام وقفة ضمير، وصوتًا للحق، ورسالة لكل حرّ في هذا العالم:
أن العدل لا يُجزأ، وأن الصمت عن الظلم… مشاركة فيه.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum