عبدالحى عطوان يكتب : أرض النفاق.. واقع ممتد.. غياب المعلومه وأختيار النواب بالقائمة !!

رغم أن فيلم" أرض النفاق" الذي جسد بطولته المبدع فؤاد المهندس مرّ عليه عقود، إلا أن أحداثه ما زالت تعكس واقعنا المرير حتى اليوم. فالكل يشعر وكأن حبوب الإحباط واليأس قد أُلقيت في مياه الشرب، فابتلعها الكبير والصغير، فغابت البسمة عن الوجوه، وحلّ محلها العبوس والغضب لأسباب متباينة.
ويبقى السؤال المطروح : ما السبب؟
هل هو الوضع الاقتصادي وأداء الحكومة؟
أم غياب المعلومة وفقدان الأمل؟
أم أن أبواق الشر التي تبث السموم قد نجحت في إدخال المواطن في دوامة نفسية بالشائعات والتشويش ونشر الأكاذيب وصناعة الفتن والتربص بكل قرار وتحويل مضمونه إلى قرار ضد الناس ؟
والمؤكد مهما تعددت الأسباب، يظل العبء الأكبر على عاتق إدارة الاتصال السياسي على المستوى العام وادارة العلاقات والإعلام التابعة للوزارات على المستويات الاخرى فهما الجسر الذي يفترض أن يربط بين المواطن وصانع القرار. الشفافية، وتوضيح الرؤية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، كلها أدوات أساسية لبناء الثقة والشراكة مع الناس. فالشعب حين يُعامل كشريك في البناء، يشعر بالأمان نحو المستقبل. أما حين تغيب المعايير والوضوح في صناعة القرار – سواء محليًا أو وطنيًا – تزداد علامات الاستفهام في عقول الناس ويحل الشك بدل اليقين
ومع توحش السوشيال ميديا وتدفق المحتوى غير الدقيق، أصبح المواطن فريسة للشائعات. على صفحات الفيسبوك والتى صار فيها الجميع "خبراء" و"شيوخًا" و"محللين" بلا ضمير، يرمون كلماتهم كما تُرمى السهام، فيصدقها البعض، مما يزرع الشك في نفوسهم تجاه وطنهم وقيادتهم.
هنا يتجلى دور الدولة: لماذا لا يتم التصحيح الفوري للمعلومة المغلوطة؟ ولماذا لا يُعاقب بشدة من يتعمد نشر الأكاذيب التي تهدد أمن الناس وسلامتهم؟ ولماذا لا تُقدَّم للمواطن المعلومة الكاملة بشأن ما يشغله، على سبيل المثال معايير اختيار النواب بالقوائم، وكذلك أسباب استبعاد بعض الأسماء؟
الناس لهم حق أن يعرفوا: أسس الاختيار هل هؤلاء النواب ممثلون عنهم حقًا، هل تم الاختيار بناءا على تاريخ بالشارع من أجل الدولة والناس، هل تم الاختيار بإعطاء أحقية من ضحى بالجهد والوقت والمال على حساب أسرته وصحتة؟ أم مجرد اختيار مرضٍ لصانع القرار وحده؟ للناس الحق أن تفهم لماذا لا يُفسح المجال على الأقل في المقاعد الفردية ليظهر نائب صنيعة الشعب، يعمل من أجلهم ويحاسب أمامهم؟
والخلاصة ..إن أرض النفاق لم يعد مجرد عمل روائي أو فيلم قديم، بل تحول إلى سيناريو ممتد يعيشه الناس كل يوم. المواطن لم يعد ضحية الفقر فقط، بل ضحية تغييب المعلومة، وضحية حبوب الشك والشائعات التي أُلقيت في مجرى حياته.
وختاماً..إن بناء الثقة بين الدولة والمواطن لا يتحقق بالشعارات، بل بالمعلومة الصادقة والشفافية الكاملة. فالمواطن شريك لا متلقٍ، وحقه أن يعرف لا أن يُترك فريسة للتأويلات والشائعات. ما أحوجنا اليوم إلى سياسة اتصال واضحة، تحترم عقل الناس وتضع أمامهم الحقائق بلا تجميل أو إخفاء، عندها فقط ستتبدد غيوم الإحباط، ويستعيد الشارع المصري طاقته وثقته في الغد.