حسن رشاد رئيس أجهزة المخابرات المصرية يَدخل قلب إسرائيل… دور دونالد ترمب في الوساطة… وسرّ رفض السعودية والإمارات
في تطور لافت على الساحة الإقليمية، شهدت العلاقات بين مصر وإسرائيل تحرّكات استخباراتية بارزة، بمشاركة أمريكية بارزة، وسط تساؤلات عن مواقف دول الخليج الكبرى من هذه الديناميكية. فيما يلي قراءة موسّعة لما يجري، مع تحليل للأبعاد والدلالات.
قاعدة الحدث
رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد (رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية)، زار إسرائيل والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس يوم 21 أكتوبر 2025، ضمن محادثات تهدف إلى دعم وقف إطلاق نار هش بقطاع غزة.
البيان الصادر عن مكتب نتنياهو ذكر أن اللقاء تطرّق إلى «تطبيق خطة ترامب»، وتعزيز العلاقات المصرية–الإسرائيلية، وقضايا إقليمية.
في الوقت ذاته، أعلن ترمب خطة للسلام أو لوقف الحرب في غزة، وتشارك مصر فيها كوسيط رئيسي.
دلالات اللقاء والدور المصري
من جهة، تحرك رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل يعطي إشارة بأن مصر ليست فقط مراقباً أو مضطراً إلى التعامل، بل طرف فاعل يسعى لتثبيت دور الوسيط أو الضامن للاستقرار.
كما أنّ التعامل مع نتنياهو مباشرة، وليس فقط على مستوى وزاري أو سفاري، يعكس جدّية استثنائية في هذا الملف، خصوصاً في ظل هشاشة الهدنة أو الاتفاقيات المؤقتة.
كذلك، مصر تسعى لأن تجعل من نفسها «منصة مركزية» لتفاوضات غزة، مما يعزز مكانتها الإقليمية ويمنحها نفوذاً إضافياً في إدارة الأزمات.
دور ترمب والولايات المتحدة
خطة ترمب تُقدّم كإطار سياسي وعسكري يهدف لإنهاء الحرب أو تحسين الوضع الإنساني في غزة/المنطقة، ومصر تبدو شريكاً أو وسيطاً رئيسياً في تطبيقها.
واشنطن، عبر ترمب أو ممثّليها، تدفع مصر وإسرائيل لتحالف أو تفاهمات أوسع، أو على الأقل لتهدئة مؤقتة تُهيّئ لخطوات أكبر.
هذا الدور الأمريكي يعطي للمسار تشريعاً دولياً، ويضع مصر بين خيارين: إما أن تكون شريكاً فعلياً في هذا الإطار، أو أن تبقى خارج المنظومة ما قد يقلّل من قدرتها على التأثير.
لماذا السعودية والإمارات قد ترفضان؟
رغم أن هناك إشارات إلى دعم من الإمارات لمبادرة ترمب في وقت سابق. لكن، من الممكن أن الرفض أو التحفّظ من جانب السعودية والإمارات يعود إلى أسباب عدة:
1. الخوف من ما بعد التهدئة: قد ترى دول الخليج أن ما يُحضّر من اتفاق أو ترتيب سيضعها أمام خيارات صعبة—مثل إعادة إعمار غزة، أو دور مباشر في الملف الفلسطيني، أو ضغط شعبي داخلي كبير.
2. توازن المصالح: السعودية والإمارات لديهما مصالح متباينة مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة ومع مصر، وقد لا تريدا أن تضعا كل البيض في سلة واحدة تُدار من القاهرة أو واشنطن.
3. الهوية والشعبية: كلا البلدين يدركان أن أي مقاربة تُعتبر “تطبيعاً أكثر” أو تقديم تنازلات للفلسطينيين قد تثير ردود فعل داخلية. لذا قد يفضّلان التحفّظ أو الانتظار حتى تتضح نتائج الخطوة المصرية–الإسرائيلية.
4. أولوية الملفات الوطنية: ربما ترى السعودية والإمارات أن الوقت ليس مناسباً لضخّ طاقات كبيرة في ملف غزة/إسرائيل في وقت تواجهان فيه تحديات اقتصادية أو اجتماعية أو إقليمية أخرى.
تحديات وتوقعات
لا تزال معادلات الثقة بين مصر وإسرائيل – وبالأخص بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية – حسّاسة، خاصة مع وجود تاريخ من التوترات والشكوك.
نجاح هذه المبادرة (أو هذه الجولة من المفاوضات) يعتمد بشكل كبير على التنفيذ وليس فقط على التصريحات: إدخال المساعدات، وقف إطلاق النار، الحفاظ على المعابر، وضمان أن لا تكون مصدراً لمأزق جديد لمصر.
إذا نجحت مصر في هذه الوساطة، فقد تترسّخ مكانتها كفاعل إقليمي. وإذا فشلت، فسينظر إليها وكأنها تحمّلت مخاطرة عالية.
أما بالنسبة للسعودية والإمارات، فتبين أن تحفّظهما أو رفضيهما ليسا بالضرورة اعتراضاً على المبادرة بحدّ ذاتها، لكن قد يكونان مرتبطين بتوقيت أو شروط أو مخرجات فقد تُفرض عليهما لاحقاً.
خاتمة
زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل وتفاعلها مع مبادرة ترمب تعكس تحوّلاً في دور مصر الإقليمي: من مراقب خارجى إلى وسيط نشط وربّما “فاعل رئيسى. فى المقابل، ما يخفيه الموقف السعودي والإماراتي من غير الواضح حتى الآن، لكنّهما على ما يبدو تحكّمان بخياراتهما وفقاً لمصالحهما الاستراتيجية الداخلية والخارجية.
ما يكشفه هذا المشهد أيضاً أن المنطقة في نقطة مفصلية: ليس فقط في ما يتعلق بغزة أو بإسرائيل، بل في من يدير المشهد، ومن يكتفي بالمتابعة، ومن يُحفّز ومن يتريّث.


















