٨٠٩ ..جمالُ اللغةِ العربية

ألِفَ الكلامُ حُروفَها بتناغُمٍ
يَجرى السياقُ تناسُقًا وجَمَالا
بَلغَتْ بلاغَتُها الرُبَى وبديعُها
شغَفَ العقولَ مهابةً وجَلالا
تنْوينُها سِرٌ تجلَّى للمهلَّا طرَحْتَ عن العَروضِ سُؤالا ؟!
ثَبَتَ الثَّناءُ مِنَ اللغاتِ بفضلِها
نَهْرُ السلاسةِ بالفصاحةِ سالَ
جاءَتْ غُزاةٌ كى تدكَ عرينَها
ما كان حِقدٌ أَنْ يرومَ مَنالا
حَوَتِ المعانيَ واللطائفَ مَجْمَعًا
لبَّتْ نداءَ القاصدينَ وِصالا
خابَ الجهولُ إذا يباخسُ قدْرَها
كَمُلَتْ بحُسنٍ إذ يفوقُ خَيالا
دُرَرٌ تضَفَّرَ بالبلاغةِ عِقدُها
قَمَرٌ توِهَّجَ حين شَعَّ دَلالا
ذَبُلَتْ لغاتٌ والبقاءُ لضادِنا
فَخْرُ الحناجرِ لو سَمِعْتَ رِجالا
رَقَمٌ تجلَّى للحروفِ بكشفِها
غَمْرٌ بنُورٍ لو قصدَّتَ دِلالا
زانَتْ لسانًا يستهيمُ بنطقِها
عَزَّتْ يراعًا حيثُ خَطَّ مَقالا
سُوقُ العُكاظِ و بالجِدارِ تعلقَتْ
ظُلَلُ القصائدِ للمريدِ سِدالا
شَكْلُ الكنايةِ بالمجازِ تنمَّقَتْ
طابَ اشتقاقٌ مَصْدَرًا وفِعالا
صانتْ بفخرٍ للعروبةِ مجْدَها
ضَفَرَتْ بوصلٍ للشعوبِ حِبالا
ضادٌ تفَرَّدَ بالمخارجِ لفظُها
صَوْتٌ يُغرِّدُ للحَرورِ ظِلالا
طُوبى لحرفٍ في الجنانِ حديثُهُ
شَهْدُ المِدادِ ولو تذُوُقُ زُلالا
ظَرْفٌ وحالٌ لو وصَفْتَ بدقةٍ
سَارَ الزمانُ وأنْ تشيخَ مُحالا
عًذْبُ القريضِ و بالبحورِ شواهدٌ
زَهْرٌ تفَتَّحَ لنْ يميلَ هُزالا
غَمَرتْ بجودٍ في اللغاتٍ روافدًا
ربَّاتُ شِعْرٍ لا تهابُ سِجالا
فسلوا المعاجمَ والأعاجمَ كلَّها
ذِكْرُ اللغاتِ فتستطيبُ مَجالا
قرآنُ ربي بالفضائلِ عَزَّها
دَوَّتْ بصَدْحٍ الناطقينَ كمَالا
كَمْ مِنْ لغاتٍ كالثيابِ تمَزَّقَتْ
خارت و صارتْ بالفَناءِ طِلالا
لُغةٌ تَعاظَمَ بالكتابِ مقامُها
حَلَّت بخُلدٍ للزمانِ مِثالا
مَلأَتْ حنايا القارئينَ بعشقِها
جادتْ بحسنٍ ..مَن يَعُدُّ خِصالا؟!
نَحوٌ وصرفٌ والسطورُ تنَقَطَتْ
ثَغرٌ تبسَّمَ بالحروفِ تَلالا
هَذى جذورُ المفرداتِ تأصَّلتْ
تَمَّ التألقُ بالشموخِ تعالا
وَسِعَتْ حُدُودًا للعلومِ بِبَحْرِها
بالضيقِ حاشا أنْ تخوضَ نِزالا
يَبغي حَقودٌ أن يشقَ غُبارَها
أَنَّى لريحٍ أنْ يَهُزَ جِبالا ؟!
لغتى وخاضت عبر الزمان معاركًا
فازت بحقِ لا تهابُ نضالا
فهى الأبيةُ والعصيةُ ضادُنا
حرفٌ تقدَّسَ لا يذوقُ جدالادَى