18:10 | 23 يوليو 2019

شخصية وعلامه مع نور سلامه

1:56pm 12/04/25
صورة أرشيفية
نور سلامه

في قلب القاهرة النابض بالحياة، وبين أزقتها وحواريها العتيقة، وُلد أديب استثنائي سيُخلد اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الأدب العالمي. إنه نجيب محفوظ، أول عربي ومصري يحصد جائزة نوبل في الأدب، ليُضيء سماء الإبداع العربي ويُعرف العالم على كنوز حكايات مصر.
في الحادي عشر من ديسمبر عام 1911، استقبل حي الجمالية العريق ميلاد هذا القلم الفريد، الذي تشرب عبق التاريخ وأصالة التراث المصري. نشأ نجيب محفوظ في كنف أسرة متوسطة، وتلقى تعليمه في مدارس القاهرة، وصولًا إلى تخرجه من قسم الفلسفة بجامعة القاهرة عام 1934. لكن شغفه الحقيقي كان يكمن بين طيات الكتب، حيث وجد ملاذه وعالمه الخاص.
لم تكن حياة نجيب محفوظ مجرد مسيرة أكاديمية ووظيفية تقليدية. فبعد تخرجه، انخرط في العمل الحكومي في مجالات مختلفة، إلا أن نداء الأدب كان أقوى وأعمق. فبدأ رحلته الإبداعية بكتابة الروايات التاريخية، مستلهمًا من عظمة الماضي المصري، قبل أن ينتقل إلى الواقع الاجتماعي المعاصر ببراعة لا تُضاهى.
تجلت عبقرية محفوظ في قدرته الفائقة على تصوير نبض الشارع المصري، ورصد أدق تفاصيل حياة الطبقة الوسطى والدنيا في القاهرة. تحولت حواريها وشخصياتها في رواياته إلى كائنات حية تتنفس بهمومها وأفراحها وأحلامها. لقد كان مؤرخًا اجتماعيًا بامتياز، يرسم لوحات فنية بكلماته، تُخلد لحظات تاريخية واجتماعية فارقة في تاريخ مصر الحديث.
تعتبر "ثلاثية القاهرة" (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) علامة فارقة في مسيرته الأدبية، وعملاً روائيًا ملحميًا استحق عن جدارة الإشادة العالمية. لقد قدمت هذه الثلاثية صورة بانورامية حية لتطور المجتمع المصري خلال فترة حرجة من تاريخه، وكشفت عن تعقيدات العلاقات الإنسانية وتأثير التحولات السياسية والاجتماعية على الأفراد والعائلات.
لم تتوقف إبداعات محفوظ عند حدود الثلاثية، فقد أثرى المكتبة العربية بروائع أخرى مثل "زقاق المدق"، التي تجسد حياة حي شعبي بكل ما فيه من صراعات وأحلام، و"اللص والكلاب" التي تناقش قضايا العدالة والانتقام، و"أولاد حارتنا"التي أثارت جدلاً واسعًا بتناولها الرمزي للدين والمجتمع، و"ميرامار" التي تعكس التحولات السياسية في فترة ما بعد ثورة يوليو.
في عام 1988، سطع نجم الأدب العربي في سماء العالمية، عندما أعلنت الأكاديمية السويدية عن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب. كانت هذه اللحظة بمثابة اعتراف دولي بقيمة وعمق الأدب العربي، وتقدير لمسيرة كاتب استثنائي وهب حياته لقلمه.
على الرغم من شهرته العالمية وتكريمه الرفيع، ظل نجيب محفوظ متواضعًا ومحبًا لمدينته القاهرة، التي كانت مصدر إلهامه الأول والأخير. عاش معظم حياته في أحيائها، وشرب من نيلها، واستلهم حكاياته من ناسها البسطاء.
في الثلاثين من أغسطس عام 2006، رحل عن عالمنا هذا القلم الذهبي، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا ضخمًا سيظل يُنير دروب الأجيال القادمة. لقد كان نجيب محفوظ أكثر من مجرد كاتب، بل كان صوتًا لمصر، ومرآة لمجتمعها، وشاهدًا على عصره. ستبقى كلماته خالدة، ورواياته نبضًا حيًا في قلب الأدب العربي والعالمي.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn