رسوب كل الطلاب أمر وارد... والمحافظ أخطأ الخميس 19 يونيو 2025 

في واقعة غريبة ومثيرة للجدل، شهدت إحدى مدارس محافظة بني سويف رسوب جميع طلابها في الشهادة الإعدادية، وهو ما دفع السيد المحافظ إلى إقالة مدير المدرسة ومدير الإدارة التعليمية فورًا، في قرارٍ عاجل أثار التساؤلات قبل أن يثير الرضا أو الغضب.

وهنا، لا بد أن نتوقف قليلاً ونسأل: هل الرسوب الجماعي جريمة؟ وهل يوجد في القانون ما يُلزم المدرسة بنسبة نجاح معينة؟ الإجابة ببساطة: لا.

فالرسوب الجماعي، وإن كان مؤشرًا خطيرًا يستحق الفحص والتحقيق، إلا أنه لا يُعد مخالفة قانونية في حد ذاته، ما دام كل الإجراءات المتعلقة بالامتحانات تمت بشفافية، وما دامت أوراق الأسئلة والإجابة والإشراف قد وُفرت للطلاب، وما دامت اللجان خلت من الغش الجماعي أو التسريبات، فمن الطبيعي أن يتحمل الطالب نتيجة أدائه.

بل إن ما حدث يكشف جانبًا آخر من واقع التعليم المؤلم، حيث ينتظر بعض الطلاب الحلول من الخارج، وعندما تُغلق أبواب الغش، تظهر النتيجة على حقيقتها.

فهل المطلوب من المديرين والمعلمين إذًا أن "يغششوا" الطلاب كي لا يُقالوا؟!

 قرار الإقالة بهذه السرعة يدفع برسالة سلبية

القرار السريع بإقالة القيادات التعليمية دون تحقيق، يُفهم منه أن المطلوب هو نتائج مرتفعة بأي وسيلة، وأن الفشل الدراسي يُقابل بإقالة إدارية حتى ولو كانت المدرسة قد التزمت بالقانون.

وهذا يا سيادة المحافظ ليس فقط غير منصف، بل يفتح الباب واسعًا أمام ثقافة الغش والتلاعب بالمجاملات.

نعم، نطالب بالتحقيق والمحاسبة إن وُجد تقصير، لكن لا يجب أن تكون الإقالة هي الخطوة الأولى قبل أي فحص أو تقصٍ للحقائق.

 الرسالة الأهم:

نحن نريد مدارس قوية، نريد محاسبة عادلة، لكن لا نريد أن تكون القيادة التعليمية كبش فداء لكل رسوب جماعي، ما لم يُثبت التحقيق أنها مقصّرة.

سيادة المحافظ، ننتظر منك تشكيل لجنة تقصي حقائق عاجلة تضم خبراء تربويين، وشخصيات محايدة، ونطالبك – إن أثبتت التحقيقات سلامة موقف المدرسة – أن تعتذر لمن أسأت إليهم، فالثقة في القانون والعدالة هي أساس الحكم الرشيد.