18:10 | 23 يوليو 2019

قيم تتلاشى.. وسوشيال ميديا تصنع جيلاً بلا جذور

7:41pm 10/09/25
حسام النوام

 

 

في السنوات الأخيرة، شهدت مجتمعاتنا تحولات عميقة وسريعة، لم تقتصر على التطور التكنولوجي أو الانفتاح الإعلامي، بل امتدت إلى أنماط التفكير والسلوك والقيم، حتى بات الحديث عن "انهيار المنظومة التربوية والأخلاقية" أمرًا يفرض نفسه على الساحة. فالمشهد اليوم يكشف عن أجيال تتشكل بعيدًا عن أسس التربية الصحيحة، وأسر تفقد السيطرة على أبنائها، ومجتمع تتآكل قيمه تحت ضغط العولمة والإعلام الجديد.

 

غياب التربية والقيم

 

الأسرة التي كانت يومًا ما حصنًا للتربية وغرس المبادئ تحولت في كثير من الأحيان إلى مجرد مؤسسة شكلية. انشغال الوالدين بالعمل أو السعي وراء لقمة العيش جعل الرقابة على الأبناء ضعيفة، بينما تركت القيم الإسلامية والعادات الأصيلة مساحة فارغة ملأتها ثقافات دخيلة. النتيجة جيلٌ يتعلم من شاشة هاتف أكثر مما يتعلم من حضن أم أو نصيحة أب.

 

العري والطلاق.. نتائج طبيعية

 

مع اختلاط المفاهيم وانفتاح الشباب على ثقافات غير منضبطة، أصبح العري يُسوّق باعتباره "حرية شخصية"، بينما هو في الحقيقة انحدار أخلاقي يهدد البناء الاجتماعي. أما نسب الطلاق المتزايدة فهي الوجه الآخر لنفس العملة؛ إذ تفككت الأسرة وفقدت روابطها نتيجة غياب الالتزام والمسؤولية، وانهارت بيوت كثيرة على وقع خلافات غذتها المقارنات على السوشيال ميديا، وضغوط الحياة التي لم تقابلها صلابة في التربية أو قيم تحمي الكيان الأسري.

 

سوشيال ميديا.. أداة للتأثير أم للهدم؟

 

لا يمكن إنكار أن السوشيال ميديا أصبحت لاعبًا رئيسيًا في صياغة وعي الأجيال. لكنها، في غياب الوعي، تحولت إلى منصة للتفاهة واستعراض الجسد والترويج للعلاقات العابرة. جيل بأكمله بات يلهث وراء التريند، غير عابئ بالقيم أو المضمون، وكأن المعيار الوحيد للنجاح هو عدد الإعجابات والمتابعين، لا العلم أو الأخلاق أو الإنجاز الحقيقي.

 

انحطاط المجتمع وجري وراء التريند

 

حين تتصدر الساحة مشاهد الرقص والغناء المبتذل أكثر من مشاهد العلم والعمل، فهنا الخطر الحقيقي. حين يصبح "التريند" معيارًا للحياة، فإن المجتمع يسير نحو الانحدار، حيث يفقد القدرة على إنتاج قيم راقية أو تقديم نماذج مضيئة للشباب. فالتريند لا يعرف أخلاقًا، ولا يميز بين ما يرفع الإنسان أو يهبط به إلى درك الانحطاط.

 

نحو العودة للجذور

 

أمام هذه الموجة الجارفة، يبقى الحل في العودة إلى التربية الصحيحة، وإحياء منظومة القيم، وغرس الانتماء الحقيقي للوطن والدين، مع توعية الشباب بمخاطر الانسياق وراء الإعلام الموجه. فالمجتمع لا يمكن أن يتماسك إلا إذا استعاد أسرته قوتها، ومدرسته رسالتها، وإعلامه مسؤوليته، وشبابه وعيه.

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum