فريد عبد الوارث يكتب: صوت الشارع.. هل يُرهب الأحزاب أم يُقصى من الحسابات؟
مع العدّ التنازلي لانطلاق الانتخابات البرلمانية، يعود السؤال الذي يطرحه الشارع في كل موسم انتخابي، هل تستمع الأحزاب إلى الناس فعلًا عند اختيار مرشحيها؟ أم أن القوائم تُحسم خلف الكواليس وفقًا لمصالح ضيقة واعتبارات حزبية بحتة، لا علاقة لها برغبة الشارع أو صوته؟
الناس تتكلم... لكن من يسمع؟
في السنوات الأخيرة، شهدنا تصاعدًا ملحوظًا في وعي المواطن، و زيادة مشاركته في النقاش السياسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي و منصات الإعلام المحلي و حتى في اللقاءات المجتمعية، الشارع أصبح أكثر جرأة في التعبير عن رفضه لبعض الأسماء المطروحة، وأكثر استعدادًا للمطالبة بمرشحين يمثلون همومه، لا مصالحهم الخاصة.
ورغم ذلك، فإن هذه الأصوات كثيرًا ما تُواجَه بالتجاهل!! أو على أفضل تقدير، بالمناورة فالأحزاب – خصوصًا الكبرى منها – ما زالت تُدير ملف الترشيحات وفق موازين القوى الداخلية أو صفقات التحالفات أو بحسابات مناطقية وطائفية، لا علاقة لها بالكفاءة أو المقبولية الشعبية.
سؤال محرج: من يختار من؟
في بيئة سياسية مثقلة بالولاءات الشخصية و الحزبية، قد يبدو صوت الشارع عنصرًا ثانويًا في معادلة اختيار المرشحين، بعض الأحزاب لا ترى ضرورة لإشراك الناس في القرار، مدفوعة بثقة مفرطة في قواعدها الانتخابية الثابتة، أو في قدرتها على الحشد يوم التصويت، بغض النظر عن هوية المرشح.
لكن تجارب عدة أثبتت أن الشارع ليس صامتًا كما تظن الأحزاب، و أنه قد يعاقب من يتجاهله، إمّا بالعزوف عن التصويت، أو بتصويت عقابي ضد مرشحين مفروضين عليه.
ضغط الشارع.. متى يُجدي؟
في بعض الدوائر، أجبرت الاحتجاجات الشعبية أو الحملات الإعلامية بعض الأحزاب على التراجع عن ترشيح أسماء مثيرة للجدل، واستبدالها بأسماء أكثر توافقًا مع المزاج العام،و هذا يؤكد أن ضغط الشارع قد ينجح أحيانًا، لكنه لا يزال استثناءً لا قاعدة.
ما ينقص هذا الضغط هو التنظيم، والاستمرارية وتوحيد المطالب فما دام كل صوت يغرد وحده، تبقى المهمة صعبة، و التأثير محدود.
أحزاب تراجع نفسها.. وأخرى لا تزال في الماضي
بعض الأحزاب بدأت تلتقط الإشارة وتحاول التماهي مع الشارع، ليس حبًا في التغيير، بل خشية من السقوط!! فلجأت إلى إجراء استطلاعات رأي، وفتح باب التشاور الداخلي في محاولة لامتصاص الغضب وتلميع الصورة.
لكن في المقابل، لا تزال هناك قوى سياسية تتعامل مع الانتخابات كأنها شأن داخلي خاص!! وكأن المواطن ليس أكثر من "صوت" يُجمع في الصندوق، ثم يُنسى حتى إشعار آخر.
خلاصة: الصمت لا يغيّر شيئًا
رغم كل الملاحظات، لا يمكن القول إن صوت الشارع بلا تأثير لكنه يحتاج إلى وعي وتنسيق، و إصرار فالمشهد السياسي لا يتغير بالتمني، بل بالضغط المتواصل، والمطالبة الصريحة بحق الناس في أن يكون لهم رأي حقيقي فيمن يمثلهم.
صوت الشارع قد لا يحسم المعركة، لكنه قادر على قلب التوقعات... إذا أصرّ على أن يُسمع.



















