إيران وإسرائيل.. هل اقتربت الحرب الكبرى؟ بقلم : نور سلامة

في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وتبادل الضربات بين إسرائيل وإيران عبر وكلاء الطرفين، يظل السؤال الحائر حاضرًا في الأذهان: هل نشهد بداية حرب كبرى؟ أم أنها مجرد حرب خفية اعتادت عليها المنطقة؟
والأهم من ذلك: ما حقيقة العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة، إسرائيل، وإيران؟ وهل هذا العداء المُعلن يخفي وراءه مصالح متبادلة وصراعات مدروسة؟
أولًا: حرب أم استعراض؟
ما يحدث بين إيران وإسرائيل لم يعد مجرد توتر دبلوماسي. فهناك ضربات صاروخية، واغتيالات ممنهجة، وهجمات إلكترونية معقدة، واشتباكات بحرية في الخليج، وميليشيات مسلحة تمثل أطراف الصراع من لبنان إلى اليمن.
لكن رغم كل ذلك، لم تتحول هذه المناوشات إلى حرب شاملة تقليدية، وإنما هي حرب ظل، كل طرف يحاول فيها إضعاف الآخر دون الوصول إلى نقطة الانفجار الكامل، خوفًا من الانهيار الداخلي أو التدخل الدولي.
ثانيًا: لماذا تشتعل الحرب أصلًا؟
1. النووي الإيراني: إسرائيل ترى في المشروع النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، وتعمل بكل الطرق على وقفه.
2. التمدد الإيراني الإقليمي: من خلال دعم حزب الله وحماس والحوثيين، تسعى إيران لتوسيع نفوذها، وهو ما تعتبره إسرائيل والغرب خطرًا مباشرًا.
3. الرد على جرائم غزة وسوريا: إيران تقدم نفسها كداعم أول لما يُسمى بـ"محور المقاومة"، وهو ما يضعها في خط المواجهة مع تل أبيب.
4. صراع النفوذ على المنطقة: من سيقود الشرق الأوسط في العقود القادمة؟ طهران أم تل أبيب؟ بدعم من واشنطن أو رغمًا عنها؟
ثالثًا: العلاقات الخفية.. من العداوة إلى المصالح
إيران وإسرائيل.. قبل الثورة:
قد يندهش البعض حين يعلم أن إيران، قبل ثورة 1979، كانت حليفًا قويًا لإسرائيل.
كان هناك تبادل تجاري واستخباراتي علني.
إيران كانت من أكبر مزودي النفط لإسرائيل.
تعاون بين الموساد والسافاك (مخابرات الشاه).
إيران وأمريكا:
قبل الثورة: علاقات استراتيجية.
بعد الثورة: عدو مُعلن، لكن...
صفقة "إيران – كونترا" في الثمانينات كشفت أن أمريكا زوّدت إيران سرًا بأسلحة رغم الحظر.
هناك دائمًا قنوات خلفية للحوار – غير رسمية – وقت الأزمات.
الحقيقة المُرة:
رغم التصريحات العدائية، يبدو أن هناك مصالح مشتركة بين الأطراف الثلاثة في إبقاء التوتر قائمًا:
إسرائيل تستمد شرعية أمنية ودعما دوليا مستمرًا.
إيران توحّد شعبها داخليًا ضد "عدو خارجي".
أمريكا تبرر وجود قواعدها في الخليج وبيع السلاح.
رابعًا: من المنتصر؟
إذا اندلعت حرب شاملة:
إسرائيل تتفوق تكنولوجيًا وبدعم أمريكي مباشر.
إيران تملك صواريخ وقدرات لوجستية هائلة ووكلاء في المنطقة.
النتيجة؟ خسائر ضخمة للطرفين، واندفاع الخليج كله في أتون النار.
أما إذا استمر الصراع في صورته الحالية:
ستكون حرب استنزاف طويلة الأمد.
وستظل المنطقة تحت تهديد دائم بانفجار قد يحدث في أي لحظة.
الشرق الأوسط لا ينقصه وقود، بل شرارة. وبين تصريحات العداء وتحركات المصالح، يبقى المواطن العربي هو الضحية الأولى.
فهل نحن على أبواب "هارمجدون" جديدة؟ أم أن اللعبة أكبر من أن تُحسم في معركة واحدة؟