18:10 | 23 يوليو 2019

من التوقع إلى التحقق.. الضربات الإسرائيلية وانهيار المشروع النووي الإيراني

10:33pm 14/06/25
سمير ياسمين

الأمين العام للجبهة العربية لتحرير الأحواز

عندما كتبنا تحليلنا في الثالث من فبراير تحت عنوان "مستقبل المواجهة الأمريكية-الإيرانية في ظل المتغيرات الإقليمية"، توقعنا أن تضرب إسرائيل إيران في الوقت الذي تفاوض فيه الولايات المتحدة طهران حول برنامجها النووي. كنا نعلم أن نتنياهو لن يترك الأمر للدبلوماسية وحدها، وأن الساعة الرملية للمشروع النووي الإيراني تقترب من نهايتها.

 

وها نحن نشهد اليوم تحقق هذا التوقع بدقة مؤلمة. في فجر الثالث عشر من يونيو، اهتزت سماء إيران على وقع أكبر عملية عسكرية تتعرض لها منذ الحرب مع العراق. أكثر من مئتي مقاتلة إسرائيلية عبرت الأجواء العربية وصولاً إلى قلب إيران، حاملة معها نهاية حلم الملالي النووي.

 

"عملية الأسد النامي" لم تكن مجرد غارة جوية، بل كانت عملية جراحية دقيقة استهدفت عقل المشروع الإيراني وقلبه. سقط حسين سلامي قائد الحرس الثوري، ومحمد باقري رئيس الأركان، وعلماء نوويون مثل فريدون عباسي. في ليلة واحدة، فقدت إيران عقودًا من الاستثمار في بناء قدراتها النووية والعسكرية.

 

أتذكر كيف كان الإيرانيون يسخرون من تهديدات نتنياهو المتكررة، ويعتبرون تحذيراته مجرد مسرحية سياسية لا أكثر، كالولد في الحكاية الشعبية الذي يصرخ "ذئب! ذئب!" دون أن يكون هناك ذئب حقيقي. اليوم، اكتشفوا أن الذئب كان حقيقيًا، وأن أنيابه أحد من كل توقعاتهم. المفارقة أن الضربة جاءت في اللحظة التي كان فيها مبعوث ترامب ستيف ويتكوف يستعد للسفر إلى عُمان لجولة مفاوضات جديدة مع الإيرانيين.

 

إيران اليوم ليست إيران الأمس. شبكة "محور المقاومة" التي بنتها بعرق العقود انهارت تدريجيًا. النظام السوري سقط، حماس تحولت إلى ذكرى مؤلمة في أنفاق غزة، وحزب الله أصبح ظلاً باهتًا لقوته السابقة. والآن، تأتي الضربة القاضية للحرس الثوري والبرنامج النووي.

 

رد فعل إيران بإطلاق مئات الصواريخ نحو إسرائيل كان متوقعًا، لكنه يشبه صرخة الديك قبل الذبح أكثر منه إظهارًا للقوة. الملالي يعرفون أنهم في أضعف لحظاتهم، ولكن كبرياءهم يمنعهم من الاعتراف بالهزيمة.

 

ما يحدث الآن في المنطقة هو إعادة رسم للخريطة الجيوسياسية بحبر الدم والنار. إسرائيل تُثبت أنها القوة المهيمنة، لكنها تعمل ضمن استراتيجية أمريكية محكمة تقوم على سياسة "العصا والجزرة". الأمريكيون أعطوا الضوء الأخضر لإسرائيل لتحارب إيران بالوكالة، بينما يحتفظون بورقة المفاوضات في جيبهم. هكذا يضغطون على إيران عسكرياً ودبلوماسياً في الوقت نفسه، دون أن يتورطوا مباشرة في المواجهة.

 

الدول العربية تراقب بصمت واهتمام. البعض يشعر بالارتياح لانكسار الغطرسة الإيرانية، والبعض الآخر يقلق من قوة إسرائيل المتزايدة. لكن الجميع يدرك أن قواعد اللعبة قد تغيرت نهائيًا.

 

إلى أين تتجه الأمور؟ السيناريوهات متعددة، لكن الأرجح أن نشهد استمرار الضغط الإسرائيلي على ما تبقى من القدرات الإيرانية. نتنياهو لن يتوقف حتى يتأكد من أن إيران لن تقدر على تهديد إسرائيل مرة أخرى. أما إيران، فتقف على مفترق طرق: إما القبول بالواقع الجديد والتخلي عن أحلام الهيمنة، أو المخاطرة بانهيار النظام تحت ضغط الأزمات المتراكمة.

 

شخصيًا، أعتقد أن ما حدث في الثالث عشر من يونيو سيُسجل كنقطة تحول تاريخية. انتهت حقبة الخوف من إيران النووية، وبدأت مرحلة جديدة في الشرق الأوسط. مرحلة قد تكون أكثر استقرارًا، لكنها بالتأكيد أكثر وضوحًا في توازن القوى.

 

الدرس واضح للجميع: في هذه المنطقة، الكلمة الأخيرة ليست للدبلوماسية ولا للمفاوضات، بل للقوة والعزيمة. إيران تعلمت هذا الدرس بالطريقة الصعبة، والسؤال الآن: هل ستكون هناك قوى إقليمية أخرى تحتاج إلى تذكير مماثل بأن تطوير قدرات عسكرية تهدد الاستقرار الإقليمي له ثمن باهظ؟

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn