18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: كيف تُعيد أمريكا تشكيل الشرق الأوسط من بوابة إيران؟

11:16am 28/06/25
صورة أرشيفية
فريد عبد الوارث

في قلب العاصفة التي تعصف بالشرق الأوسط، يبدو أن الولايات المتحدة لم تغادر المنطقة أبدًا، و إن غابت بالجيوش فهي حاضرة بالقرارات و المبضع الجراحي، لا تزال واشنطن تمسك بمشرطها في غرفة عمليات سياسية معقّدة، تُعيد من خلالها ترتيب أوراق المنطقة، و إجراء "عملية تجميل قسرية" لموازين القوى، دون أن تترك بصماتها واضحة... أو دماءً كثيرة.
ما يحدث الآن ليس نهاية حرب، بل إعادة ضبط للنار تحت الرماد، و تحيين لقواعد الاشتباك... بانتظار الجولة القادمة، و ربما الفصل الأخطر من المواجهة الممتدة.
غزة.. عنوان النزيف المفتوح
وسط كل هذه الحسابات الاستراتيجية، تبقى غزة وحدها في المشهد كأنها لا تنتمي إلى الحسابات، لكنها دومًا في قلب المعادلة، استخدمتها إيران كورقة ضغط لتخفيف عزلتها الخانقة، فيما وظفتها إسرائيل لتصفية حسابات إقليمية و تعزيز دورها كقوة إقليمية وحيدة لا تُنازع.
والنتيجة، دمار غير مسبوق، جراح مفتوحة، ومأساة إنسانية تكررت حتى فقدت وقعها في نشرات الأخبار، بينما ينشغل العالم بكيفية تفكيك البرنامج النووي الإيراني، تظل غزة مجرد "إشارة هامشية" في محضر تفاوض لا يُكتب على طاولة عربية.
انتصارات وهمية... وهزائم صامتة
في المشهد العربي، لا أحد يعلن الهزيمة، الجميع منتصر – على الورق – حتى لو خسر كل شيء على الأرض، والكارثة أن الكثيرين يصدقون ذلك، في عالم تتجاوز فيه الحقائق قدرات الإعلام الرسمي على التجميل.
أما الحكمة السياسية الحقيقية، فكانت عند من تروّت مصر، و رفضت الاستدراج نحو فخاخ مرسومة بعناية ولم تنجر إلى الاستقطاب الحاد، فحافظت على شعرة معاوية بين كل الأطراف: لم تخسر يزيدًا، و لم تعادِ الحسين، وهذه – وحدها – حنكة و خبرة  تستحق الاحترام.
الفخ النووي... توقفت الحرب لتبدأ المرحلة الأخطر
ما بدا للبعض و كأنه نهاية للمواجهة الكبرى بين إسرائيل و إيران، لم يكن إلا "هدنة تكتيكية" تسمح للطرفين بإعادة ترتيب أوراقهما و تقييم القدرات.
الهدف الحقيقي من وقف إطلاق النار؟ السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بقيادة "رافائيل جروسي" بإجراء تقييم شامل لحالة البرنامج النووي الإيراني على الأرض.
إن تم الوصول إلى تقييم حاسم، تبدأ مرحلة تفاوض لتفكيك البرنامج نوويًا بشكل سلمي، وإن فشل ذلك – أو ماطلت إيران – تعود الحرب من جديد، هذه المرة بأدوات أشد قسوة و بمبرر دولي واضح.
الصفقة السرية: الخليج يدفع.. وإيران تفاوض؟
وفق ما يُتداول خلف الكواليس، إدارة ترامب – والتي لا يزال تأثيرها حاضرًا في مؤسسة القرار الجمهوري – ناقشت خطة جريئة: تحويل منشأة "فوردو" النووية الإيرانية إلى مفاعل مدني، بتمويل مباشر من حلفاء واشنطن في الخليج، ليس ذلك و حسب بل تضمنت النقاشات:
ضخ 30 مليار دولار لدعم برنامج طاقة نووية مدنية إيراني.
تخفيف العقوبات الاقتصادية.
الإفراج عن أموال إيران المجمدة.
كل ذلك بهدف إعادة طهران إلى طاولة التفاوض… لكن المفارقة أن واشنطن حين تفاوض إيران أو تركيا أو إسرائيل، تفعل ذلك بلغة "الحوافز"، بينما تتحدث مع العرب بلغة "التهديد" و"الإملاء".
ما بعد الحرب... ليس كما قبلها
من يتصور أن إيران ستتنازل عن برنامجها النووي بسهولة، لم يفهم قواعد اللعبة الجديدة، طهران تعتبر امتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم – ولو دون قنبلة – عنصر الردع الوحيد في مواجهة المشروع الإسرائيلي المدعوم أميركيًا.
في المقابل، الولايات المتحدة لا يمكنها القبول بنواة قنبلة نووية إسلامية – حتى وإن كانت غير مكتملة، أما إسرائيل، فهي لن تسمح لإيران بأن تبقى شوكة في خاصرتها و هي على أعتاب تنفيذ رؤيتها التوسعية الإقليمية، التي لا تنتهي عند حدود غزة أو جنوب لبنان.
إضرب المربوط.. يخاف السايب!
الضربات التي وُجهت كانت "عقابية وانتقائية"، هدفها كسر الإرادة لا تسوية الملف، و ما أُتيح لإيران من فرصة لم يكن هدية... بل فخ مُغلف بالاحترام، إذا لم يتم استغلاله بدقة، فقد يعود هذا "الهدوء المريب" إلى انفجار قادم، أشرس وأشمل.
في هذه اللحظة الفارقة، من يقرأ الخريطة جيدًا يعلم أن:
الحرب لم تنتهِ.
التسوية لم تُكتب بعد.
والمفاوضات الجارية هي فقط على توقيت الجولة التالية... لا على منعها.
عندما تُصاغ الخرائط بالدم، لا بد أن نحذر من الحبر الأميركي
ما يجري في المنطقة ليس مجرد صراع إقليمي، بل إعادة ترسيم خريطة النفوذ وسط كل هذا، لا بد أن نحذر من التورط غير المحسوب، ون تمسك بحسابات دقيقة تقي شعوبنا من الانزلاق في حروب لا نملك قرار اندلاعها أو إيقافها.
حفظ الله الجميع... دون استثناء. فالجسد العربي واحد، وإن فرّقته الجغرافيا، وا لجرح واحد... وإن اختلفت يد الجاني.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn