عبدالحى عطوان يكتب : وزير النقل كفاك وكفى..أستقيموا يرحمكم الله !!

سقطن فجأة... كما تسقط الأرواح المضيئة من علٍ، دون وداع، دون ضجيج، ودون أن يلتفت أحد ليسأل: لماذا تمضي بناتنا إلى الموت أفواجًا، في شاحنات الفقر، وعلى طرقٍ لا تعرف من الرحمة إلا أسمها؟
حادث طريق جديد... أرواح طاهرة زهقت، وبيوت دخلها السكون الثقيل، وأمهات يجلسن أمام الأبواب لا يصدقن أن الأيدي الصغيرة التي كانت تطرق كل صباح لن تعود. تسعة عشر زهرة، خرجن بحثًا عن لقمة العيش، فعُدن أكفانًا، كأن الوطن يضيق بخطوات الفقراء كلما تقدموا نحوه.
أما المسئولين، فعلى عروشهم جالسين ، بين أوراق التقارير المطمئنة، والمكاتب المكيفة، يكتبون بيانات عزاء ويرسلون مندوبًا هنا، ويصمتون هناك. كأن الجُرح لا يستحق زيارة، وكأن المصاب لا يستدعي استقالة، أو حتى اعتذارًا. وزير النقل كفاك وكفى !!
أي تضامن هذا الذي يُقاس بالجنيهات؟ أي مواساة تلك التي تُرسل في شيك؟ أي كرامة تُمنح لعائلة مكلومة يُطلب منها أن تذهب لمكتب التأمينات لتثبت أن فقيدها كان "إنسانًا يستحق التعويض"؟
الحياة وحرمة الموت ما عادت التى نعرفها أن تصبح الكارثة فرصة، وأن يُزايد بعض الساسة بالدماء وهم يعدّون أصواتهم للانتخابات القادمة.
لا نطلب معجزة، فقط نريد دولة تبكي مع أمهاتنا، تُربّت على أكتافهن، وتقول لهن: "لن نترككن وحدكن". نريد مسؤولًا يقف في موقع الحادث قبل أن يقف أمام الكاميرا. نريد وطنًا لا يخذل أبناءه، ولا يبرر الموت بالأقدار وحدها.
نريد تحقيقًا حقيقيًا... في الطريق الذي لم يصمد إلا ثلاث سنوات، من المسئول الذى صمت ؟ومن الذى تهاون؟ ومن الذى أهمل؟ حتى ماتت البنات تحت عجلات الغياب.
نريد أن نكبر بدولتنا، وأن تكبر الدولة فينا، لا بالتصريحات، بل بالفعل. لا بالمواساة الجافة، بل بالعدل.لا بالتصوير بل بالحقيقة ونشر المعلومة والأرقام الصحيحة ، بالشفافية والمصداقية والعدل والعدالة !!
وهل من العدل... أن تموت بناتنا كل هذا الموت، ولا نسمع حتى صوت استقالة؟
استقيموا... يرحمكم الله.