سد النهضة بين التحديات والمخاطر قراءة سياسية لتصريف المياه وإيقاف التوربينات
كشف الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عن توقف جميع توربينات سد النهضة الإثيوبي مؤخراً وهو ما اضطر إثيوبيا لفتح إحدى بوابات المفيض العلوي بتصريف يقارب 200 مليون متر مكعب يومياً وهو رقم يعادل الإيراد اليومي للأمطار في منتصف أكتوبر ويكشف هشاشة إدارة الموارد المائية في إثيوبيا والتحديات أمام القاهرة للسيطرة على تدفقات النيل
توقف التوربينات وفتح المفيض العلوي ليس مجرد مسألة فنية بل مؤشر سياسي واضح على قدرة إثيوبيا على إدارة السد بما يخدم مصالحها مع استغلال فترات الأمطار لتجنب أضرار محتملة وهو ما يزيد المخاوف في مصر والسودان من تقلبات إمدادات المياه التي تعتمد عليها الدولتان بشكل أساسي
مصر التي تعتمد تاريخياً على نحو 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه النيل تواجه تهديداً مباشراً لأمنها المائي والزراعي حيث تستهلك الزراعة نحو 80% من هذه المياه بينما يرى السودان فرصاً للري والكهرباء لكنه يعاني من مخاطر الفيضانات غير المنسقة كما حدث في أكتوبر 2025 في الروصيرص مما يسلط الضوء على حاجة عاجلة لتنسيق المفيض بين الدول الثلاث
سد النهضة الإثيوبي أكبر مشروع هيدروليكي في أفريقيا بتكلفة 5 مليارات دولار ويضم 13 توربينا وخزاناً بسعة 74 مليار متر مكعب يمثل في الوقت نفسه إنجازاً إثيوبياً ومصدر توتر إقليمي إذ يهدف لتوليد 5150 ميغاواط من الكهرباء وتغطية 40% من احتياجات إثيوبيا الطاقوية لكنه يضع القاهرة أمام تحديات استراتيجية للحفاظ على حصتها المائية وضمان استمرار الأمن المائي لمئات الملايين من المصريين
الحدث الأخير يوضح بجلاء أن إدارة الموارد المائية في حوض النيل أصبحت معركة سياسية واقتصادية واستراتيجية في آن واحد وأن أي تحرك أحادي الجانب من أي طرف قد يؤدي إلى توترات إقليمية مباشرة ما يجعل الحاجة للتفاوض والتنسيق الفوري بين مصر والسودان وإثيوبيا أكثر إلحاحاً من أي وقت مضي


















