تحويل طاقات الشباب إلى مشروعات حقيقية.. طريقنا نحو نهضة وطنية شاملة
في كل مرحلة من مراحل بناء الأوطان، تبقى الطاقة البشرية هي الركيزة الأولى والأساس المتين الذي تُبنى عليه التنمية الشاملة. وفي مصر، تمتلك الدولة كنزًا بشريًا ثمينًا يتمثل في شبابها الواعي والمبدع، الذي يحمل في داخله الحلم والطموح والرغبة الصادقة في المساهمة في صناعة مستقبل يليق بعظمة هذا الوطن وتاريخه.
لقد آن الأوان أن ننتقل من مرحلة الحديث عن طاقات الشباب إلى مرحلة تفعيلها وتحويلها إلى مشروعات واقعية تمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتكون نموذجًا حيًا لما يمكن أن يقدمه الفكر الشبابي حين يجد من يؤمن به ويمنحه الفرصة والدعم.
الشباب قوة استثمار لا تُقدّر بثمن
من خلال تجربتي في عالم الاستثمار، أؤمن تمامًا أن أعظم استثمار هو الاستثمار في الإنسان. فالموارد الطبيعية قد تُستهلك، أما الطاقات البشرية إذا تم توجيهها بشكل سليم، فهي تتجدد وتنتج وتبتكر بلا حدود.
لقد أثبت الشباب المصري في كل الميادين أنه قادر على الإنجاز متى وُضعت أمامه الفرصة، وأن روح التحدي لديه لا تقل عن أي نموذج عالمي ناجح. ولذلك فإن مسؤوليتنا – كرجال أعمال ومؤسسات اقتصادية – أن نفتح أمامه الأبواب لا أن نغلقها، وأن نُشركه في التنمية لا أن نُقصيه عنها.
من الحلم إلى الواقع.. كيف نُترجم الطاقات إلى مشروعات
تحويل الأفكار إلى مشروعات لا يتحقق بالشعارات، بل بالتخطيط والرؤية والإرادة. فكل فكرة شابة قابلة لأن تتحول إلى كيان منتج إذا وُجدت البيئة الداعمة. نحن بحاجة إلى منظومة متكاملة تبدأ من التعليم والتدريب العملي، مرورًا بتسهيل التمويل، وصولًا إلى الاحتضان الفني والإداري للمشروعات الناشئة.
إن ما تقوم به الدولة المصرية في السنوات الأخيرة من إطلاق مبادرات لتمكين الشباب ودعم ريادة الأعمال هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تحتاج إلى تكامل مع القطاع الخاص الذي يجب أن يكون شريكًا أصيلًا في بناء هذا المستقبل.
فالمستثمر الوطني الحقيقي هو من يرى في الشباب شريكًا في التنمية وليس مجرد متلقي دعم.
الابتكار مفتاح المستقبل
لقد تغيرت معايير النجاح في العالم؛ لم يعد رأس المال وحده كافيًا، بل أصبح الابتكار هو العملة الجديدة التي تقاس بها قيمة الشعوب والشركات.
شبابنا يمتلك أفكارًا خلّاقة في مجالات التكنولوجيا والزراعة والصناعة والطاقة المتجددة، لكنها تحتاج إلى من يحتضنها، ويحوّلها من مجرد أفكار إلى منتجات وخدمات ترفع اسم مصر عاليًا.
إننا أمام جيل مختلف في رؤيته للعالم، جيل لا يخاف التجربة، ولا يعرف المستحيل، لكنه بحاجة إلى بيئة تحتضن شغفه، وتُشعره أن وطنه يؤمن به. فحين يجد الشاب الدعم والثقة، تتحول أحلامه إلى قوة إنتاجية تُثري الاقتصاد الوطني وتدعم التنمية المستدامة.
رسالة إلى الشباب
رسالتي إلى شباب مصر أن يؤمنوا بأنفسهم وبقدرتهم على صناعة التغيير، وألا ينتظروا الفرصة بل يصنعوها. فالوطن اليوم في أمسّ الحاجة إلى كل فكرة مخلصة، وكل جهد شريف.
وابحثوا دائمًا عن التميز، لا عن التقليد. فالعالم لا يتذكر من سار في الطريق ذاته، بل من شق طريقًا جديدًا ونجح فيه.
الوطن يحتاجنا جميعًا
مصر اليوم تشهد نهضة شاملة في ظل قيادة واعية تؤمن بقدرات شبابها، وتضعهم في صدارة المشهد التنموي.
علينا جميعًا أن نكون جزءًا من هذا البناء الوطني، وأن نحول الطاقات إلى إنجازات، والأحلام إلى واقع، حتى تبقى مصر – كما كانت دائمًا – منارة حضارة، وقلعة إنتاج، ونموذجًا ملهمًا في تحويل الطموح إلى تنمية حقيقية.

















