لما الراجل يبيع الأصل عشان نزوة، لازم يعرف إنه باع نفسه قبلها
 
                        الخيانة وجع مالوش وصف، خنجر بيغرس في القلب ببطء، مش علشان الوجع بس، لكن علشان الجرح جاي من اللي كنت شايفاه أمانك، وسندك، وضهرك. الست لما بتحب، بتحب بضمير، بتحب بجد، بتحب كأنها بتحب ربنا في حبها، بتحط نفسها آخر الصف، وتدي، وتسامح، وتقول يمكن يتغيّر. يمكن المرة دي صدق، يمكن لسه فيه جواه ذرة إنسانية. لكن الحقيقة إن أغلب الرجالة خدت طيبة الست على إنها سذاجة، ومساحتها على إنها ضعف، وسكوتها على إنه رضا. الرجالة بقت بتخون كأنها بتتنفّس، عادي جدًا، بلا تأنيب، وبمنتهى البرود. ولو واجهتيه، تلاقيه بيبرر بخفة دم بايخة: "ما كنتيش مهتمة بيا"، "انتي السبب"، "ضعفت". دايمًا عنده حجة جاهزة، بس في الحقيقة هو مجرد طفل جبان مش قادر يتحمل مسؤولية غلطه.
الراجل اللي يخون مرة، بيخون تانية وتالتة، لأنه خلاص اتعود يعيش على الوهم، على المتعة الرخيصة اللي بتكلفه روحه في الآخر. والست اللي بتسامح، مش لأنها غبية، لأ، لأنها بتحاول تحافظ على بيت، على عشرة، على وعد، بس لما قلبها يقفل، خلاص... بيتقفل المفتاح في البحر.
الرجالة فاكرة إن الست بتموت من غيرهم، فاكرين إنهم محور الكون، وإن الست هتفضل تبكي وراهم وتنهار. بس اللي ما يعرفوش إن الست ممكن تقع، بس عمرها ما بتفضل في الأرض، بتقوم، وبتقوم أقوى. بتقوم من الرماد اللي سابوه، وتبني نفسها من جديد. الراجل لما يخون، بيخسر نفسه، قيمته، احترامه، وبالذات لما يخون ست كانت شايفاه كل الدنيا.
فيه نوع من الرجالة لازم يتكتب عنه فصل لوحده: الراجل الرخيص. اللي أول واحدة ترمي له كلمة يقع زي الطفل، اللي أول نظرة من رخيصة توقعه، اللي بيستسلم لأي واحدة تعرف تلعب على نقصه. الراجل اللي ما يعرفش يمسك نفسه، مش راجل. اللي يسيب بيته ومراته عشان نزوة، ده مش عاشق، ده مخلوق ضعيف فاكر نفسه بطل. اللي بيجري ورا الرخص، بيتحول هو نفسه لرخيص. ودي الحقيقة المرة اللي الرجالة مش قادرة تهضمها: إنهم اللي بقوا السلعة، وإن الستات اللي اتوجعت هي اللي بقت غالية، غالية لأنها اتعلمت.
الرجالة مبتقدّرش النعمة اللي في حياتهم. بيزهقوا من الطيبة، من الهدوء، من الست اللي بتصون، ويروحوا يدوروا على الدوشة، على الكذب، على الشهوة. بيجري ورا الغلط، ولما يقع، يفتكر الأصل اللي سابه. بس ساعتها الأصل بيكون راح، واللي راح ما بيرجعش. الست اللي كانت بتخاف عليه من البرد، بقت مش فارق معاها لو الدنيا كلها سقّعته. كانت بتسأل عليه كل دقيقة، بقت ما تسألش حتى في الشهر. مش انتقام، لكن خلاص... وجعها علّمها.
كل راجل سب ست محترمة عشان "خطّافة رجالة"، لازم يعرف إن اللي ياخد واحدة من بيتها، ما خدش حب، خد بقايا. خد واحدة مستعملة، مليانة بذكريات مش ليه، وبحب مش منه. واللي يفتكر إن ده إنجاز، يبقى محتاج يتعالج. لأن الرجولة مش إنك تكسب واحدة، الرجولة إنك تحافظ على واحدة، الرجولة مش في عدد الستات اللي عرفتها، الرجولة في قدرتك تكون راجل مع واحدة بس.
الخيانة مش بطولة، الخيانة لعنة. كل راجل خاف من المواجهة وهرب، كل واحد استرخص حب ست وراح يدور على نزوة سهلة، الزمن هيعلمه الدرس. لأن اللي بدأ غلط، عمره ما بينتهي صح. اللي خان النهارده، بيتخان بكرة، بس الفرق إن الست بتتوجع مرة، أما هو فبيفضل يتوجع كل يوم، كل ما يشك، كل ما يتخدع، كل ما يشوف نفسه فاضي من جوه.
الست لما تتخان، بتتحرر. بتتحرر من كذبة، من تمثيلية كانت بتلعبها غصب عنها. بتتعلم تحب نفسها، تضحك، وتعيش بكرامة. وده اللي بيكوي الراجل بعد كده، إنه يشوفها بعد ما سابها... ناجحة، حلوة، متصالحة، وهو واقف في نفس النقطة، مكسور بين ندمه وخيبته.
وفي الآخر، الزمن عنده طريقته العادلة جدًا في الانتقام. ما بيزعقش، ما بيكسرش، بس بيخلي الخاين يشوف اللي كان في إيده وهو راح. يشوفها وهي سعيدة من غيره، يشوف نفسه وهو وحيد. وكل مرة يفتكرها، يحس بنفس الطعنة اللي وجعها بيها.
الخيانة مش شطارة، دي قذارة. والست اللي خانها راجل، ما بتموتش... بتتولد من جديد. بس الراجل اللي خان، بيعيش ميت وهو مش واخد باله. واللي افتكر إن الست هتموت بعده، اكتشف إن الموت الحقيقي هو يوم ما يشوفها بخير، وهو بقى مجرد صفحة مطويّة من ماضيها.
الزمن بيحكم بالعدل، وبهدوء، وبيسيب اللي خان يتعلم الدرس بنفسه، علشان يعرف إن:
الخيانة مش بطولة... الخيانة لعنة بتفضل وراك طول العمر.
الست لما بتوصل لمرحلة الطفح، خلاص… مفيش بعدها رجعة. بتبقى عديت على كل المراحل: الغلطان هي، والمقصّرة هي، والمجنونة هي، وكل مرة كانت بتدافع عنه قدام نفسها قبل ما تدافع عنه قدام الناس. كانت بتقول يمكن اتغيّر، يمكن بيحبني بطريقته، يمكن محتاج فرصة، يمكن أنا فاهماه غلط… لحد ما اكتشفت إن كل الـ “يمكن” دي كانت وهم، وإنه مش ناقص فرص، هو ناقص ضمير.
الراجل اللي يوجّع ست كانت بتشيل عنه تعب الدنيا وتطبطب عليه وهو السبب، ده مش راجل… ده تجميعة نقص ماشية على رجلين. النوع اللي بيشوف الست اللي بتحبه على إنها “مضمونة”، ويشوف الغريبة على إنها “إثارة”، ومش فاهم إن اللي بيجري ورا الإثارة بيخلص دايمًا على الوحدة.
الست الطيبة لما بتتعب، بتتحول لوحش مش بيأذي، بس بيختفي. بيختفي من كل حاجة تخصه، من صوته، من ريحته، من تفاصيله اللي كانت بتحفظها زي القرآن. بتختفي وهي بتضحك، بس ضحكتها المرة دي مش زي زمان… دي ضحكة انتصار، ضحكة خلاص فهمت إن اللي خان مرة، هيخون ألف مرة، وإنها كانت بتصلح في راجل مكسور بس مش عايز يتصلح.
ولازم نكون صرحاء… الرجالة اللي بتخون وتبرّر خيانتها بملل أو غلطة أو نزوة، دول أكتر ناس جبانة. بيخافوا يواجهوا، بيخافوا يتحملوا نتيجة تصرفاتهم، فبيرموا كل ذنبهم على الست، كأنها المفروض تكون “معجزة” ترفّه عنهم وتسمعهم وتخدمهم وتتحمل قرفهم كمان! لأ، كفاية.
الست مش سوبرمان، ومش جهاز صيانة نفسية لرجالة خربانة من جوه. الست كائن بيتحمل كتير، بس لما بيقع خلاص، ما بيقومش عشان حد… بيقوم عشان نفسه، وده اللي الرجالة مش فاهمينه.
الراجل اللي خان وساب علشان واحدة تانية، لازم يعرف إنه ما اختارش حب جديد، هو اختار نفسه الضعيفة. والست التانية اللي فرحانة إنها خطفته؟ خدي بالك يا حبيبتي، ما خطفتيش راجل، خطفتي تجربة فاشلة، نسخة مستعملة من وجع ست تانية، وده مش انتصار، ده قرف. واللي خانك معاها، هيخونها معا غيرها، لأن اللي خان مرة، عمره ما هيتعلم الوفا، مهما عمل نفسه “اتغير”.
وفي الآخر، الست مش بتموت لو اتسابِت… الست بتتعلم.
وبتعرف إن السلام أهم من العلاقة، وإن النوم مرتاحة أهم من حضن كدّاب، وإن كرامتها مش مفاوضة.
الست لما بتتعلم الدرس ده، ما بتبقاش محتاجة تنتقم… بتكتفي بابتسامة خفيفة وهي شايفة الكرامة بترد الدين بالتمام.
 














					

