18:10 | 23 يوليو 2019

حين يصبح البرلمان مزادا علنيا المال السياسي يبتلع الصعيد

11:23am 03/11/25
صورة أرشيفية
عصران الراوي

المال السياسي في الصعيد لم يعد ظاهرة عابرة بل تحول إلى سرطان ينهش في جسد الديمقراطية ويفسد انتخابات مجلس النواب دورة بعد أخرى أصبحت الانتخابات في محافظات الصعيد ميدانا مفتوحا لتجار المال والنفوذ الذين يشترون الولاءات ويبدلون القناعات تحت لافتة الخدمات بينما هي في حقيقتها شراء أصوات انتخابية بغطاء اجتماعي زائف
في كل دورة انتخابية يطل المال السياسي كوحش جديد يرتدي ثوب الخير وهو في حقيقته سم سياسي يقتل وعي الناخبين ويغتال الإرادة الشعبية في قرى الصعيد حيث الفقر والاحتياج والقبلية يجد هذا المال الفاسد أرضا خصبة لينتشر دون مقاومة يوزع المال مقابل الصوت وتباع المبادئ كما تباع الأصوات في السوق الانتخابي
تجار الانتخابات في الصعيد لا يخوضون منافسة شريفة بل صفقات مغلفة بالشعارات من يدفع أكثر يحكم أكثر ومن يملك المال السياسي يملك القرار داخل البرلمان لا مكان فيها لأصحاب الكفاءة أو النية الصادقة هكذا يتحول البرلمان إلى مكتب مصالح مالية لا بيتا للأمة وتتحول الديمقراطية إلى ديكور باهت يخفي وراءه فسادا انتخابيا صريحا
شراء الأصوات في الصعيد لم يعد مجرد جريمة انتخابية بل جريمة أخلاقية تزرع الإحباط وتكسر ثقة الناس في أي مرشح شريف المال السياسي يزور الوعي لا الصناديق فقط يربك المواطن البسيط بين حاجته اليومية وكرامته الوطنية ويجعل السياسة في نظر الشباب لعبة قذرة يربحها من يدفع أكثر لا من يخدم أفضل
خطورة المال السياسي في الانتخابات البرلمانية بالصعيد أنه لا يفسد النتيجة فقط بل يفسد الوعي الجمعي ويعيد إنتاج الفساد كل دورة نيابية يربح فيها أصحاب المال ويخسر الوطن حين يختزل الصوت الانتخابي في ورقة نقدية يصبح البرلمان انعكاسا لميزان القوة لا ميزان الكفاءة
الصعيد الذي أنجب رجال المواقف والشرف لا يليق به أن يدار بالمال الفاسد ولا أن تختزل إرادته في كرتونة مواد غذائية أو وعد زائف بالوظيفة الوعي الانتخابي في الصعيد هو خط الدفاع الأول ضد الفساد الانتخابي فحين يدرك المواطن أن صوته أغلى من كل الأموال حينها فقط يسقط تجار الانتخابات وتنهار منظومة الرشوة الانتخابية
إن محاربة المال السياسي في مصر ليست معركة قانونية فقط بل معركة وعي وكرامة فحين يستعيد الصعيد وعيه ويقول لا لمن يشتريه سيعود البرلمان ممثلا حقيقيا للشعب لا لممولي الحملات وستعود الديمقراطية المصرية إلى معناها النقي حيث يصنع النائب بالصوت لا بالمال ويقاس الرجال بما قدموا لا بما دفعوا
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum