لحظة نقل تمثال رمسيس التاريخية عام 2006.. من هو المهندس صاحب الفكرة العبقرية؟
ليست الحكاية عن تمثال من حجر بل عن عقل من لحم ودم قرر أن يواجه المستحيل بعلم وإيمان وموقف صلب يشبه في عناده صلابة الجرانيت نفسه المهندس المصري الراحل أحمد محمد حسين لم يكن مجرد أكاديمي من جامعة عين شمس بل كان نموذجًا للعقل المصري الذي لا يعرف الانحناء ولا يقبل أن يقال إن المستحيل أقوى من إرادته
حين قررت الدولة عام ٢٠٠٤ نقل تمثال رمسيس الثاني من ميدانه التاريخي إلى موقعه الجديد أمام المتحف المصري الكبير كان القرار في جوهره سياسيًا قبل أن يكون هندسيًا كان رسالة بأن مصر قادرة على أن تحفظ تاريخها بعقلها وأيادي أبنائها دون انتظار وصاية من الخارج في وقت كانت فيه شركات أجنبية كبرى تقول إن نقل التمثال دون تفكيك مستحيل ظهر المهندس المصري ليقول بثقة أنا هنقل تمثال رمسيس وهو واقف وبدل ما تبقى جنازة يبقى موكب
الفكرة بدت مجنونة لكن الدولة وقتها امتلكت الشجاعة السياسية لتمنح التجربة فرصة فكانت النتيجة درسًا في الإدارة الوطنية قرار جريء اعتمد على كفاءة العقول المحلية لا على الاستيراد من الخارج وهنا يكمن جوهر السياسة الناجحة أن تثق في قدراتك لا أن تبيع قرارك
المهندس أحمد حسين لم يكن يبحث عن مجد شخصي وعندما سئل لمن يهدي هذا العمل قال أهديه لنفسي وللمهندسين المصريين والعرب الذين لم يمنحوا الفرصة وكأنه يوجه رسالة سياسية بليغة مفادها أن التهميش أخطر من الفشل وأن الأمم لا تنهض إلا حين تضع الثقة في أبنائها
اليوم ونحن على أعتاب افتتاح المتحف المصري الكبير يقف تمثال رمسيس الثاني شامخًا كما نقل واقفًا يختصر في صمته حكاية وطن لم يركع يوما ووراءه عقل مصري أثبت أن السياسة الناجحة تبدأ من الإيمان بالقدرة المحلية وتنتهي بإنجاز يخلده التاريخ
تحية لروح المهندس أحمد حسين الذي لم ينقل تمثال رمسيس فقط بل نقل صورة مصر من خانة الشك إلى خانة الثقة ومن مرحلة الاستعانة بالآخر إلى مرحلة الاعتماد على الذات .

















