برديس حين يصبح الموت وسيلة عبور
برديس اليوم ليست مجرد قرية على الخريطة إنها مسرح حقيقي لمأساة لا تحتاج أحداثا خارقة أو كوارث طبيعية لتظهر قوتها فالمأساة هناك يومية ومرئية لكل من له عين يرى الأطفال والنساء والطلاب يركبون معدية صدئة كل صباح لعبور الترعة كأنهم يمشون على حافة الموت بثقة مفزعة في عدم اليقين
هذه المعدية ليست وسيلة نقل بل قنبلة موقوتة تعبر فوقها أرواح بريئة في كل لحظة قد تتحول فيها الضحكات إلى صرخات والفصول الدراسية إلى نعوات والذكريات إلى حزن أبدي كل اهتزازة في المعدية كل موجة صغيرة في الماء هي إنذار بصوت صامت عن كارثة قادمة الإهمال هنا ليس خطأ فرديا أو تقصيرا عابرا بل إهمال منظومي يجعل حياة البشر سلعة رخيصة بلا حماية صمت المسؤولين وغياب الرقابة يجعل كل صباح في برديس اختبارا أخلاقيا للوطن كله
أي وطن هذا الذي يترك أبناؤه يتعرضون لمخاطر الموت يوميا على مقربة من أعين الجميع أي مجتمع يسمح أن تتحول حياة الأطفال إلى رهينة لمعدية متهالكة هذه ليست مجرد مشكلة تقنية بل انعكاس حقيقي لزيف الخطاب الرسمي الذي يملؤه الحديث عن الإنجازات بينما الواقع يصرخ بأعلى صوته عن الإهمال والتهور
كل يوم يمر على هذه المعدية دون صيانة ودون رقابة ودون قواعد سلامة صارمة هو يوم إضافي في سجل الجريمة كل طفل يركبها صباحا هو مغامر بلا درع بلا حماية كل أم تطلب من طفلها العبور هي شاهدة على احتمال موت لا يُحتمل كل لحظة تأخير في التدخل هي خطوة جديدة نحو مأساة مؤكدة
لا أحد يستطيع أن يضمن أن المعدية لن تغرق في أي لحظة لا أحد يستطيع أن يضمن أن عدد الضحايا سيكون أقل من نصف الأطفال والنساء الذين يستخدمونها يوميا الصمت هنا جريمة والتهاون خيانة والإهمال حكم بالإعدام على الأبرياء قبل أن يحدث أي شيء
برديس ليست مجرد مكان إنها مرآة صادقة لواقعنا عندما نصمت أمام الخطر ونتعامل مع أرواح الناس كأنها أرقام بلا قيمة الأطفال الذين يذهبون إلى مدارسهم يجب أن يذهبوا بسلام يجب أن يعودوا بسلام يجب ألا يكون العبور إلى المدرسة مغامرة بين الحياة والموت
يجب أن تتحرك الأجهزة المعنية الآن قبل فوات الأوان معدية آمنة إشراف مستمر صيانة دائمة خطط طوارئ واضحة وقوانين صارمة لمنع أي كارثة لا يجوز أن ننتظر صور الجثث أو بيانات العزاء الرسمية لتبدأ التحركات كل لحظة تأخير تزيد من احتمال وقوع المأساة
برديس اليوم تستغيث وصوتها يجب أن يُسمع على مستوى الدولة والمجتمع كله ليس فقط لأن الأطفال في خطر بل لأن أي موت نتيجة الإهمال هو صفعة على ضمير الوطن كله إذا مات طفل واحد في برديس نتيجة هذه الإهمال فلن يكون مجرد حادث بل فضيحة أخلاقية وإنسانية يجب أن تلاحق كل مقصر وكل متواطئ وكل صامت
قبل أن تكتب مياه الترعة أسماء الضحايا القادمة يجب أن يتحرك الجميع لإنقاذ الأطفال قبل أن تصبح المعدية وسيلة عبور إلى الموت برديس ليست مجرد تحذير إنها رسالة صارخة لكل من يتغاضى عن حماية الأرواح إنها دعوة للاستيقاظ قبل أن يكتمل المشهد المأساوي

















