18:10 | 23 يوليو 2019

حين تتحول قضايا الأسرة إلى ساحات حرب… إلى أين نحن ذاهبون؟

11:03am 29/10/25
صورة أرشيفية
احمد الشبيتى

في زمنٍ كان يُفترض أن تكون فيه البيوت حصونًا للسكينة والمودة، تحوّلت كثير من المنازل إلى ساحات معارك قانونية، ومكاتب المحامين صارت محطات انتظار للانتقام لا للإنصاف. قضايا الأحوال الشخصية، التي وُجدت لحماية الأسرة وصون الحقوق، أصبحت اليوم مرآةً لواقعٍ مؤلمٍ يتطلب منا وقفة صادقة أمام ضمائرنا قبل نصوص القوانين.
كل يومٍ نسمع عن قضية خُلع، أو دعوى نفقة، أو رؤية، أو طلاق، أو نسب، أو تبديد منقولات. وكلها ليست مجرد أوراق في ملف المحكمة، بل حكايات من لحم ودم، فيها أطفال ضائعون بين أبوين فقدا لغة الحوار، وزوج وزوجة تفرّق بينهما مواقع التواصل قبل أن تفرّق بينهما القوانين.
القانون المصري في باب الأحوال الشخصية مليء بالنصوص التي تكفل العدالة – من المادة الأولى حتى المادة 280 من القانون رقم 1 لسنة 2000 – لكن أين نحن من روح العدالة؟
القانون لا يبني بيتًا، ولا يُعيد ثقةً، ولا يزرع حبًا. القانون يحكم، أما الرحمة فهي التي تُنقذ.
لقد أصبحنا نستخدم القانون أحيانًا كسلاح، لا كوسيلة إصلاح.
الزوجة تُقيم دعاوى خُلع بدافع الغضب لا الواقع، والزوج يرد بدعوى نشوز أو إسقاط حضانة، وأحيانًا تُستخدم النفقة وسيلة ضغط لا حقًا مشروعًا.
أما الأطفال – الضحية الكبرى – فهم يشهدون نزاعاتٍ لا يفهمونها، ويكبرون في ظل حقدٍ يصنع جيلاً مكسورًا نفسيًا واجتماعيًا.
أيها الناس…
أيها الأزواج والزوجات…
تذكّروا قول الله تعالى:
> "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً." [الروم: 21]
فأين ذهبت المودة؟ وأين الرحمة؟
هل أصبحت المحاكم بديلاً عن بيوت الإصلاح الأسري؟
هل صرنا نُوثّق مشكلاتنا على “التيك توك” و”الفيسبوك” بدل أن نحلها بالحكمة والعقل؟
القانون وحده لا يصنع مجتمعًا سويًا، بل القيم والأخلاق هي التي تحفظه.
احذروا أن تكونوا خصومًا أمام القضاء بعد أن كنتم أزواجًا تحت سقفٍ واحد.
احذروا أن تكونوا سببًا في ضياع أطفالكم، فالدعوى تنتهي، لكن الجرح يبقى.
يا سادة…
لن تنهض الأسرة المصرية إلا بالوعي، ولن يُكتب للأمة استقرار إلا إذا صلحت بيوتها.
فلنُعد النظر في أنفسنا قبل أن نُعدّ أوراقنا للمحاكم، ولنجعل من الحوار أول طريق، ومن الرحمة آخر الحكم.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum