مصطفى قمر يعود بقوة ويتصدر التريند بأغنيته الجديدة "اللي كبرناه"..
 
                        في لحظة طال انتظارها من جمهوره العريض، عاد النجم مصطفى قمر ليتصدر المشهد الغنائي من جديد ويُشعل التريند عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي بأحدث أعماله الغنائية "اللي كبرناه"، والتي جاءت بتوقيع الشاعر الموهوب أحمد شكري، لتشكل عودة قوية لأحد أهم رموز الغناء المصري الذي طالما ارتبط اسمه بالذكريات الجميلة والأنغام الراقية والإحساس الصادق. ومنذ اللحظة الأولى لطرح الأغنية، انقلبت مواقع التواصل إلى ساحة من الحفاوة والإشادة، حيث شعر الجمهور أن مصطفى قمر لا يزال يحمل بداخله ذلك الفنان الذي يعرف كيف يلمس القلب بكلمة صادقة ولحن عذب وإحساس متدفق.
الأغنية التي جاءت بعنوان "اللي كبرناه" ليست مجرد عمل غنائي جديد، بل رسالة فنية متكاملة تعكس رؤية قمر الناضجة وقدرته على مواكبة العصر دون أن يفقد هويته الفنية التي صنع بها تاريخه الطويل. الكلمات التي كتبها الشاعر أحمد شكري جاءت مختلفة ومليئة بالصدق والعفوية، تمزج بين السخرية الراقية من واقع العلاقات الإنسانية، وبين العتاب النبيل الذي يعكس النضج العاطفي. تبدأ الأغنية بعبارات صادمة في جمالها وسهولتها:
"كنت لما تجيب وسايط.. كنت أسيبك برضو شايط 🔥
كنت ليل ونهار تحايل 🙏🏻… وكنت ليك فاتح الهويس ☺️"
هذه البداية وحدها كفيلة بأن تجذب المستمع من أول لحظة، إذ تحمل نغمة حوارية خفيفة الظل على الطريقة المصرية، لكنها مغموسة بصدق التجربة الإنسانية. استطاع أحمد شكري أن يصوغ كلمات الأغنية بلغة قريبة من الناس، بسيطة في مفرداتها لكنها مليئة بالمعاني، فهي تحكي قصة من الواقع دون مبالغة أو تصنع، عن إنسان أعطى أكثر مما أخذ، وقرر في النهاية أن يسترد نفسه دون قسوة، ولكن بحكمة وهدوء.
أما مصطفى قمر، فقد قدّم الأغنية بصوته المميز الذي لا يشبه أحدًا، ذلك الصوت الذي يجمع بين الدفء والعذوبة، بين الشجن والبهجة، وكأن الزمن لا يمر عليه. أداؤه في "اللي كبرناه" يؤكد أنه ما زال يحتفظ بتلك الروح الشبابية التي أحبها الجمهور منذ بداياته، لكنه في الوقت نفسه أكثر نضجًا ووعيًا بمفرداته الموسيقية واختياراته الفنية. لم يكن الأمر مجرد غناء، بل أداء تمثيلي غنائي راقٍ يُشعرك أنه يعيش كل كلمة ويُعيد من خلالها سرد حكاية عاشها الكثيرون.
اللحن الذي جاء متناسقًا مع روح الكلمات حمل مزيجًا من الطابع الشرقي الخفيف والإيقاع العصري، ليُقدم توليفة موسيقية تُناسب الأذن المصرية والعربية معًا. لم يسعَ قمر في هذا العمل إلى استعراض إمكانياته أو استعادة نجاحاته السابقة، بل اختار طريق البساطة والصدق الفني، فغنّى كما لو كان يحكي حكاية على مائدة الأصدقاء. هذه الصيغة التي يتقنها مصطفى قمر دائمًا هي سر ارتباط الناس به؛ فهو يغني وكأنه واحد منهم، يعيش همومهم ويفرح بفرحهم.
من الناحية الفنية، أظهر مصطفى قمر في "اللي كبرناه" مرونة عالية في الأداء، حيث استخدم طبقات صوته بتوازن لافت، فانتقل بين المقاطع برقة وسلاسة دون أن يفقد دفء الإحساس. كما أضاف لمسات خفيفة من الارتجال في بعض الجمل الغنائية، مما منح الأغنية روحًا حية وتلقائية محببة. ويمكن القول إن هذا العمل يعكس مدرسة مصطفى قمر الفنية التي تمزج بين الطرب الشعبي الراقي والموسيقى الحديثة التي تجذب الأجيال الجديدة دون أن تُغضب عشاق الكلاسيكيات.
أما عن كلمات الشاعر أحمد شكري، فهي تستحق وقفة خاصة، إذ استطاع أن يُعيد للأغنية المصرية مفرداتها الشعبية الجميلة دون أن يسقط في الابتذال. استخدامه لعبارات مثل “كنت لما تجيب وسايط” و”فاتح الهويس” يعكس قدرته على إدخال روح الحياة اليومية في النص الغنائي بطريقة ذكية، ليصبح المستمع جزءًا من الأغنية، وكأنها تحكي مواقفه الخاصة. هذه البراعة في تحويل التفاصيل البسيطة إلى حكاية غنائية ممتعة هي ما جعلت الأغنية تلمس القلوب قبل أن تصل إلى آذانهم.
منذ اللحظات الأولى لإطلاق الأغنية، تصدرت "اللي كبرناه" قوائم التريند على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الجمهور بشكل كبير مع كلماتها وروحها الخفيفة. انهالت التعليقات التي تمجد عودة قمر إلى الساحة بقوة، وعبّر المتابعون عن سعادتهم بهذا العمل الذي أعاد إليهم نكهة الأغنية المصرية الأصيلة. كتب أحد المعجبين: "قمر رجع يغني زي زمان.. إحساس حقيقي وصوت بيحكي من القلب!"، بينما كتب آخر: "اللي كبرناه أغنية كل واحد تعب واتعلم إنه ميزعلش تاني." هذه التعليقات تُظهر أن الأغنية لمست وجدان الناس لأنها ببساطة تشبههم.
ويُحسب لـمصطفى قمر أنه لم يسعَ وراء ضجيج الشهرة اللحظية أو موضة الأغاني السريعة التي تختفي مع أول موجة جديدة، بل اختار أن يقدم عملًا يحمل طابعًا فنيًا ناضجًا وقيمة إنسانية حقيقية. فهو يدرك جيدًا أن النجومية الحقيقية لا تأتي من “التريند” فقط، بل من البقاء في ذاكرة الناس، وهذا ما يجعله دائمًا في المقدمة رغم تغير الأجيال والأذواق.
النجاح الكبير الذي حققته الأغنية أعاد إلى الأذهان صورة قمر كفنان متجدد لا يعرف التوقف، بل يتطور مع كل تجربة جديدة. فهو لم يعد المطرب الشاب الذي يبحث عن الانتشار، بل الفنان المخضرم الذي يعرف متى يغني وماذا يقول وكيف يختار. وربما هذا هو سر استمراريته في عالم صعب تتغير ملامحه كل يوم، لكنه يظل ثابتًا بخطوات واثقة تُشبه شخصيته الهادئة والمتزنة.
من ناحية أخرى، اعتبر النقاد أن "اللي كبرناه" تمثل نقلة مهمة في مسيرة التعاون بين قمر وجيل جديد من الشعراء، مثل أحمد شكري، الذي يُثبت يومًا بعد يوم أنه يمتلك رؤية مختلفة في الكتابة الغنائية. هذه الشراكة بين فنان صاحب تاريخ وشاعر يمتلك روح العصر أنتجت أغنية تُوازن ببراعة بين الأصالة والحداثة، بين العمق والبساطة، بين الكلام الشعبي والذوق الراقي.
وفي قراءة أعمق لرسالة الأغنية، نجد أن "اللي كبرناه" تتناول فكرة النضج العاطفي والقدرة على تجاوز العلاقات التي استنزفت الإنسان، فهي تُعبّر عن مرحلة من الوعي، حين يدرك الإنسان أنه لا ينبغي أن يظل سجينًا للخذلان، بل عليه أن يكبر ويتعلم ويمضي قدمًا. هذا المعنى الإنساني جعل الأغنية تُصبح أكثر من مجرد عمل فني؛ إنها تجربة حياتية صاغها قمر بصوته وأحمد شكري بكلماته، لتُلامس كل من مرّ بخيبة أو قرار شجاع بالرحيل في الوقت المناسب.
وفي النهاية، يمكن القول إن مصطفى قمر بأغنيته الجديدة "اللي كبرناه" لم يُطلق مجرد أغنية للتريند، بل قدّم عملًا فنيًا متكاملًا يُعيد تعريف الأغنية المصرية المعاصرة، ويؤكد أن الفن الحقيقي لا يموت طالما يُصنع بصدق وحب. لقد عاد قمر كما عرفه الجمهور: نجمًا رقيقًا، بسيطًا، وراقيًا، يغني للحياة والكرامة والمشاعر النقية، ليبرهن أن الكلمة الحلوة واللحن الجميل لا تحتاج إلى صخب لتصل، بل إلى إحساس حقيقي فقط.
 
















