18:10 | 23 يوليو 2019

السيرة الطيبة لا تموت

12:58pm 01/11/25
صورة أرشيفية
أحمد الشبيتي

في زمنٍ تتغير فيه الوجوه والمواقف، تبقى السيرة الطيبة هي البصمة الخالدة التي لا يطويها النسيان. قد يرحل الجسد، لكن الذكر الطيب يظل عطرًا يسري في المجالس، وتبقى كلمات الناس: “يرحم من ربّاك” شاهدًا على عظمة تربية، ونقاء سريرة، ورجولةٍ لا تموت.
كم من موقفٍ بسيط في حياتنا اليومية يُعيد إلينا ذكرى والدٍ أو أمٍّ تركوا لنا رصيدًا من الأخلاق، وكنزًا من المروءة والكرم! نسمع أحدهم يقول: “الله يرحمه، كان رجلًا بمعنى الكلمة”، فنشعر بالفخر، ونرفع الرأس، لأن اسم والدنا يُذكر بين الناس بالخير، فيكون له الدعاء والرحمة حتى بعد رحيله.
السيرة الطيبة لا تُشترى بمال، ولا تُصنع بالمظاهر، بل تُبنى بالفعل الصالح، بالكلمة الطيبة، بالعطاء، بالإخلاص، وبترك أثرٍ طيبٍ في حياة الآخرين.
قال رسول الله ﷺ: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له."
فما أعظمها من وصية! أن نترك بعدنا أثرًا يُذكرنا به الناس، ودعوةً صادقةً تصل إلى قبورنا لتضيء ظلامها.
إن السيرة الطيبة هي ميراث لا يفنى، فهي أغلى من الذهب، وأبقى من المال والعقار. كم من غنيٍّ رحل ولم يذكره أحد، وكم من رجلٍ بسيطٍ عاش بالصدق والكرم، فصار حديث الناس جيلاً بعد جيل.
فالمال يُفنى، والمناصب تزول، لكن الكلمة الطيبة، والخلق الحسن، والنية الصافية تبقى خالدة، تحكيها الألسن، وتتناقلها القلوب.
أيها الآباء والأمهات، اتركوا لأبنائكم سيرةً عطرةً يعتزون بها، لا تتركوا لهم الأموال فقط، بل علّموهم أن الكرامة والعفة والنخوة والصدق هي رأس المال الحقيقي.
ربّوا أبناءكم على الخير، وأودعوا فيهم القيم التي ترفع شأنهم في الدنيا والآخرة، حتى إذا ذُكر اسمكم، قيل: “رحم الله من ربّى، وبارك في من خَلَف.”
اتركوا لكم عملًا صالحًا، صدقةً جارية، أو علمًا نافعًا، أو يدًا تمتد لمساعدة الضعيف. فبهذا تُكتب سيرتكم في صحائف النور، وتظل تذكَر بخيرٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فيا من تقرأ هذه الكلمات، اجعل من حياتك سيرةً تُروى، لا مجرد اسمٍ في شهادة وفاة.
اترك أثرًا طيبًا في أولادك، في جيرانك، في مجتمعك، في كل مكان تمرّ به، لأن السيرة الطيبة لا تموت... بل تزداد حياةً كلما ذكرها الناس بخير.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum