إيران من الداخل: الدين، السياسة، الأطماع.. من تكون؟

في خضمّ ما يحيط بعالمنا العربي من أزمات، تتسلل إيران إلى كل مفصل ضعيف، وتضرب حيث الفراغ والشتات. يتحدث البعض عن إيران كدولة، وآخرون كعدو، وآخرون كحليف مفترض. لكن الحقيقة أن أغلب الشعوب لا تعرف من تكون إيران فعلًا، وما هي هويتها، وماذا تريد من العرب والمسلمين؟
فإليك القصة من أولها إلى آخرها، من الداخل الإيراني إلى أطراف العالم العربي.
أولًا: ما هو الدين في إيران؟ وهل إيران دولة إسلامية؟
رغم أن إيران تُعرف رسميًا كـ"الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، إلا أن فهم طبيعة الدين فيها يحتاج إلى تدقيق:
المذهب الرسمي:
إيران تتبع المذهب الشيعي الإثني عشري (الاثنا عشرية الجعفرية)، وهو يختلف عن مذهب غالبية المسلمين في العالم، وهم أهل السنة والجماعة.
المرجعية الدينية:
يُدير شؤون الدين والسياسة في إيران ما يُعرف بـ"ولاية الفقيه"، وهي فكرة دينية اخترعها الخميني، تعني أن "الفقیه" أو المرجع الديني الأعلى له الحق في الحكم المطلق، السياسي والعسكري والقضائي، باسم "نائب الإمام الغائب".
موقفها من السنة:
رغم وجود أقلية سنية في إيران (تقديرات تصل إلى 10% من السكان)، فإنهم يعانون من تمييز واضح في التعليم، والعمل، وممارسة شعائرهم الدينية، ولا يسمح لهم ببناء مساجد في العاصمة طهران.
ثانيًا: ما هو نظام الحكم في إيران؟
الحاكم الأعلى (المرشد):
المرشد الأعلى للجمهورية هو الحاكم الحقيقي للبلاد، فوق الرئيس والبرلمان والجيش. حاليًا هو علي خامنئي، ويملك سلطة تعيين قادة الجيش والقضاء ووسائل الإعلام ومجلس صيانة الدستور.
الرئيس والبرلمان:
رئيس الجمهورية يُنتخب شعبيًا، لكن لا يملك القرار النهائي. صلاحياته محدودة. أما البرلمان، فهو مراقَب ويُفلتر أعضاؤه قبل الترشح من قِبل مؤسسات المرشد.
الحرس الثوري:
هو الذراع العسكرية الأيديولوجية للنظام، وله اقتصاد خاص، وسلاح خاص، وقنوات إعلامية خاصة. ليس مجرد جيش، بل "دولة داخل الدولة"، وتدخله في السياسة والاقتصاد كبير جدًا.
ثالثًا: ماذا تفعل إيران؟ ولماذا تتدخل في شؤون الدول؟
إيران ليست دولة تكتفي بحدودها. منذ نجاح الثورة عام 1979، أعلنت تصدير "الثورة الإسلامية" إلى خارج إيران، خاصة إلى الدول العربية.
وسائل التمدد الإيراني:
1. الميليشيات المسلحة: مثل حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، الحشد الشعبي في العراق، والزينبيين في سوريا. هذه جماعات تتبع إيران مباشرة.
2. الخطاب الطائفي: تزرع الخلاف بين السنة والشيعة، وتستغل المظلوميات الشيعية في بعض الدول لخلق ولاءات سياسية لها.
3. الدعم الإعلامي: تمتلك قنوات مثل "العالم" و"الكوثر" و"برس تي في"، تبث سمومها باللغة العربية لتلميع صورتها ومهاجمة خصومها.
4. الاقتصاد والدين: تقدم منحًا، وحجًا مجانيًا، وفرصًا دراسية ودينية في "قم"، وتغري الشباب للتشيع أو الولاء لإيران.
رابعًا: هل إيران تحارب الأقوياء أم تستغل الضعفاء؟
الإجابة واضحة:
أمام أمريكا وإسرائيل:
تُطلق الشعارات: "الموت لأمريكا"، "الموت لإسرائيل"، ولكن على الأرض:
إيران لم تطلق رصاصة واحدة مباشرة على إسرائيل.
حين ضُربت مواقعها في سوريا مئات المرات، لم ترد.
تفاوض أمريكا سرا وعلنا في فيينا والدوحة وغيرهما.
أمام العرب والمسلمين:
حوّلت العراق إلى بلد تابع سياسيًا.
دمّرت سوريا بدعم الأسد.
مزقت اليمن بدعم الحوثيين.
تشعل الفتن في لبنان والبحرين والكويت.
إيران لا تحارب الأقوياء، بل تتخفى خلف شعارات المقاومة، ثم تضرب الضعفاء، وتُجهز على ما تبقى من استقرارهم.
خامسًا: ما هدف إيران الحقيقي؟هدف إيران ليس فلسطين كما تدّعي، ولا تحرير القدس.
هدفها الحقيقي:
مدّ نفوذها حتى تكون "القوة الشيعية الكبرى" في المنطقة.
خلق دول تابعة لها عبر أذرع مسلحة تدين لها بالولاء.
تصدير نموذج "ولاية الفقيه" ليكون بديلًا عن النظام السني التقليدي.
الضغط على العالم عبر التهديد النووي.
وأخيرًا: رسالة إلى كل عربي ومسلم
يا كل عربي ومسلم،
إيران ليست فقط دولة جارة، بل مشروع يتسلل إلى أعماق مجتمعاتنا.
الوعي هو أول خطوة للمواجهة.
الوحدة العربية والإسلامية هي السلاح الحقيقي.
لا تنخدعوا بالشعارات، فالمواقف هي التي تحكم.