عصران الراوي يكتب..... الرئيس السيسي قرأ المشهد مبكراً وطالب بقوة عربية مشتركة

قمة شرم الشيخ عام 2015 لم يكن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إنشاء قوة عربية مشتركة مجرد طرح عابر أو دعوة سياسية تقليدية بل كان قراءة مبكرة لمشهد إقليمي معقد تزداد تحدياته يوماً بعد يوم تلك القمة التاريخية شهدت إطلاق رؤية استراتيجية شاملة تستهدف حماية الأمن القومي العربي وصيانة استقرار المنطقة وسط رياح عاتية من الإرهاب والتدخلات الخارجية والصراعات المفتوحة

لقد أدرك السيسي أن الأمن القومي العربي لا يمكن حمايته بردود أفعال متأخرة وإنما بعمل استباقي مدروس ومن هنا جاءت دعوته إلى تشكيل قوة عربية مشتركة أداة دفاعية واقعية وليست شعاراً سياسياً فحسب أداة توازن بين احترام سيادة الدول وبين القدرة على الردع الفاعل في مواجهة أي تهديد محتمل

وإذا كان البعض قد تعامل وقتها مع المبادرة باعتبارها حلماً بعيد المنال فإن تطورات السنوات الماضية أثبتت أن قراءة السيسي للمشهد كانت استثنائية دقة التنبؤ بالمخاطر التي واجهتها المنطقة من إرهاب عابر للحدود إلى ميليشيات مسلحة مدعومة خارجياً إلى حروب بالوكالة كلها جعلت فكرة القوة العربية المشتركة ضرورة وجودية وليست خياراً سياسياً

الرئيس السيسي أكد في طرحه أن هذه القوة ليست أداة عدوان ولا هيمنة بل مبادرة استراتيجية للدفاع المشترك تعكس جوهر التعاون العربي الحقيقي وتضع حماية الحدود وصون الحقوق الوطنية في صدارة الأولويات إنها رؤية تتجاوز منطق التحالفات المؤقتة إلى تأسيس آلية دفاعية دائمة تحمي المستقبل العربي

اليوم وبعد مرور عشر سنوات تبدو تلك الرؤية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى فالمخاطر لم تنحسر بل تعقدت وتضاعفت ومعها يظل السؤال معلقاً: هل آن الأوان لأن تتحول مبادرة السيسي إلى واقع ملموس يجسد طموحات الشعوب العربية في أمن واستقرار يليق بتاريخها ومكانتها؟