18:10 | 23 يوليو 2019

"الصراعات العربية: بين سيوف العلن وخناجر الخفاء

10:06pm 13/09/25
جانب من اللقاء
ايه ياسين

 

في المشهد العربي، تبدو الخلافات بين الدول وكأنها لعبة مرايا؛ ما يظهر للعلن ليس سوى انعكاس باهت لحقيقة أعمق تختبئ في الظلال. تصريحات حادة في المؤتمرات، بيانات دبلوماسية متوترة، لقاءات تنتهي بالابتسامات أمام الكاميرات… لكن وراء الستار هناك حسابات أخرى، صفقات خفية، وضغائن متوارثة تحكم العلاقات أكثر مما يحكمها المنطق أو المصالح المشتركة.

 

الظاهر: صراع الشعارات والسيادة

 

الخطاب العلني دائمًا يتزيّن بالشعارات: الدفاع عن السيادة، حماية المصالح الوطنية، أو التمسك بالقضايا العربية الكبرى. الصراعات المعلنة غالبًا ما تتجسد في نزاعات حدودية، خلافات حول النفوذ الإقليمي، أو تنافس على قيادة "البيت العربي". هذه هي الصورة التي تُعرض على الجماهير، حيث تتحول السياسة إلى مسرح تُرفع فيه الرايات وتُسمع فيه الشعارات الرنانة.

 

الخفي: المصالح والصفقات

 

لكن خلف هذه الصورة المسرحية، تتحرك خيوط أدق وأكثر تعقيدًا. تحالفات تعقد في الظلام، تفاهمات مع قوى إقليمية أو دولية، استخدام الاقتصاد كسلاح صامت، أو حتى الإعلام كأداة لتقويض الخصم. هنا لا مكان للشعارات، بل لغة المصالح الباردة. وهنا تتضح المفارقة: ما يبدو على السطح من خلاف قد يخفي وراءه تفاهمًا ضمنيًا، وما يبدو من توافق قد يغطي صراعًا محتدمًا.

 

الإنسان بين مطرقة الظاهر وسندان الخفي

 

بين هذا وذاك، يبقى المواطن العربي هو الحلقة الأضعف. يسمع عن "المصلحة الوطنية" بينما يعيش تبعات الصراع في شكل بطالة، فقر، أو فقدان أمل في التكامل العربي. يتابع نشرات الأخبار ليكتشف أن بلاده في صراع مع جارتها، بينما يدرك في حياته اليومية أن الشعوب أقرب لبعضها مما يظن الساسة.

 

الخاتمة: ازدواجية لا تنتهي

 

الصراعات العربية ليست مجرد معارك حدودية أو خلافات في قاعات القمم، بل هي جدلية بين ما يُقال وما يُفعل، بين المسرح والواقع. إنها ازدواجية بين سيوف العلن التي تلمع أمام الأعين، وخناجر الخفاء التي تُدار بها المعركة الحقيقية. وربما سيظل البيت العربي أسيرًا لهذه الازدواجية، ما لم يجرؤ قادته على كشف المستور ومواجهة الحقائق كما هي.

 

---

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum