ماذا تريد إسرائيل من مصر وأهدافها الاستراتيجية

أولًا: السياق العام
منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979، تتسم العلاقات بين البلدين بالهدوء الرسمي رغم محدوديتها على مستوى الشعوب. ومع مرور العقود، أصبحت العلاقة ترتكز على مزيج من المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية.
### ماذا تريد إسرائيل من مصر؟
#### 1. الحفاظ على اتفاقية السلام
تعتبر إسرائيل استمرار السلام مع مصر أحد أهم مكاسبها الاستراتيجية. فمصر كانت القوة العسكرية الأكبر في الصراعات العربية-الإسرائيلية، وبقاؤها خارج دائرة المواجهات يمنح إسرائيل حرية أكبر في التعامل مع باقي الأطراف.
#### 2. التنسيق الأمني في سيناء
تسعى إسرائيل إلى ضمان استقرار منطقة سيناء، في ظل نشاط الجماعات المسلحة هناك، نظرًا لمخاوفها من تسلل عناصر إلى داخل أراضيها. من هذا المنطلق، توافق مصر أحيانًا على إرسال تعزيزات أمنية إضافية إلى سيناء بموجب تنسيق مشترك، رغم القيود المفروضة على هذه المنطقة بموجب اتفاقية السلام.
#### 3. حصار غزة والسيطرة على حركة حماس
تلعب مصر دورًا محوريًا في إدارة الوضع في قطاع غزة، خصوصًا من خلال معبر رفح، بالتنسيق مع إسرائيل لمنع تهريب الأسلحة وتقليص قدرات حركة حماس العسكرية.
#### 4. التعاون في مجال الطاقة
بدأت العلاقات الاقتصادية تأخذ بُعدًا جديدًا من خلال تصدير إسرائيل للغاز الطبيعي إلى مصر والتعاون الإقليمي في قطاع الطاقة الذي يضم اليونان وقبرص أيضًا. هذا التعاون يعزز شراكة استراتيجية بأبعاد اقتصادية متنامية.
#### 5. تقليص النفوذ الإيراني والتركي
تعتبر إسرائيل التعاون مع مصر فرصة لتقليص تأثير قوى إقليمية منافسة مثل إيران وتركيا، خاصةً في ملفات حيوية تشمل غزة وليبيا وشرق المتوسط.
### أهداف إسرائيل الاستراتيجية من علاقتها مع مصر
#### 1. ضمان الأمن القومي الإسرائيلي
من خلال منع تشكيل جبهة جنوبية نشطة (من جهة مصر)، وتعزيز التنسيق في ملفات أمنية مثل غزة وسيناء.
#### 2. تعزيز مكانتها الإقليمية
التحالف مع مصر، كواحدة من أكبر الدول العربية، يمنح إسرائيل فرصة لتحسين علاقاتها الإقليمية وكسر عزلتها في المنطقة.
#### 3. توسيع النفوذ الاقتصادي
تسعى إسرائيل إلى تحقيق التكامل الاقتصادي مع دول المنطقة في مجالات مثل الطاقة والتجارة والسياحة، مما ينعكس إيجابيًا على قوتها السياسية الإقليمية.
#### 4. تقليص التهديدات من غزة
من خلال التعاون مع مصر، تعمل إسرائيل على تقويض قدرات الفصائل الفلسطينية والحد من احتمالية التصعيد العسكري في القطاع.
### كيف تتعامل مصر مع هذه المصالح؟
تعتمد السياسة المصرية على تحقيق توازن دقيق؛ فهي تتعاون مع إسرائيل بما يخدم مصالحها الوطنية دون إظهار أي انحياز مفرط. ومن أبرز أهداف هذا التعاون:
- **استقرار سيناء:** مواجهة التهديدات الإرهابية وضمان الأمن على حدودها الشرقية.
- **تقليل التحديات القادمة من غزة:** التحكم في الحدود ومنع التصعيد.
- **استفادة اقتصادية:** الحصول على مصادر طاقة بأسعار مناسبة ودعم الاقتصاد الداخلي.
- **الحفاظ على الدعم الدولي:** تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا عبر تقديم مصر نفسها كطرف محوري في تحقيق التوازن والاستقرار الإقليمي.
### خلاصة
إسرائيل تطمح إلى:
- الحفاظ على السلام مع مصر لضمان استقرار حدودها الجنوبية.
- تعزيز أمنها عبر التعاون في القضايا الأمنية بسيناء وغزة.
- بسط نفوذها سياسيًا واقتصاديًا عبر شراكات إقليمية تشمل القاهرة.
- احتواء القوى المعادية بالتنسيق الأمني والسياسي مع السلطات المصرية.
في المقابل، تُوظف مصر العلاقة مع إسرائيل كورقة ضغط دبلوماسية وأداة لتعزيز أمنها القومي وتحسين موقعها الإقليمي والدولي، دون أن تتنازل عن مصالحها السيادية أو تظهر انحيازًا واضحًا لأي طرف.