عبدالحى عطوان يكتب : القمة الإسلامية.. امة تجيد البيان وعاجزة عن القرار !!

كلنا شاهدنا إنعقاد القمة الإسلامية في مشهد يبدو للوهلة الأولى استثنائيًا، لكن المتأمل في تفاصيلها يخرج بانطباع قديم متجدد: نحن أمة البيان لا أمة القرار.
ومن أبرز علامات الإستفهام التي أثارتها القمة دعوة إيران وتركيا. الأولى متهمة بزعزعة استقرار المنطقة العربية عبر تدخلاتها في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والثانية ما زالت تحلم بالتوسع العثماني وتفرض وجودها في ليبيا وسوريا والعراق. ومع ذلك، حضرتا القمة وكأنهما جزء من الحل لا جزء من المشكلة.
وكان يمكن أن تكون القمة عربية خالصة لحماية الأمن القومي العربي لو ذلك العنوان أو التجمع ، فانا لا أفهم حتى الآن العنوان الرئيسي" القمة الاسلامية" وصُبغتها بالصبغة الدينية هل لتأكيد أن القضية الفلسطينية "قضية إسلامية". غير أن هذه الرمزية لم تُترجم إلى إجراءات، فبقيت الشعارات أوسع من الأفعال.
وبرغم أن القادة ألقوا كلمات قوية أبرزها كلمة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي لما حملته من رسائل مباشرة سواء للقادة الإسرائيليين أو للداخل الإسرائيلى بأن ما يحدث من مجازر وإبادة يهدد اتفاقيات السلام المبرمة قديمًا وحديثاً ويضع أمن الجميع على المحك أيضا بما جاء بالكلمة موجهاً للدول الخليجية لإتخاذ مواقف أكثر جدية وضوحاً حول الموقف من المحتل أيضاً جرأة كلمة تركيا التى حملت عنواناً صادمًا بوصفه العدوان البربرى الوحشي ومن يصمت عليه شريك فيه ومن العار الصمت على هذة المجازر ،
وبرغم المعلقون أشادوا ببلاغة الخطابات، لكن الكارثة الحقيقة هو غياب القرارات العملية. وظلت الكلمات فى مضمونها كلمات فقط فلم نشهد خفضًا للتمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، ولا تحركًا قانونيًا جادًا ضدها في المحاكم الدولية، ولا حتى تعليقًا لمشروعات اقتصادية تمثل رئة للاحتلال مثل "الممر الهندي – الشرق الأوسط – أوروبا".
وبرغم الموقف العربي الذى تمخض عن مجرد كلمات واجتماعات فالدول الاوربية تغلي غضبًا من جرائم الاحتلال، وتقطع جامعاتها العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية، وتمنع بعض الدول مشاركة الرياضيين والفنانين الإسرائيليين، بينما اكتفت القمة الإسلامية بإصدار "دعوات ومناشدات". المفارقة أن العالم الغربي بدا أكثر جرأة منّا في مواجهة الاحتلال.
والخلاصة تظل الأسئلة الحائرة دون إجابات والتى لم تجيب عنها القمة هل كان الاستهداف الأخير ضربة للمفاوض الفلسطيني وحده ؟، أم رسالة للدوحة التي تقوم بدور الوسيط؟ أم تحذيرًا لإيران وتركيا اللتين تحتضنان بعض الفصائل الفلسطينية؟ ولماذا لم يتم التطرق إلى التناقض الأمريكي – القطري في تفاصيل الهجوم الإسرائيلي
وفى النهاية... وبأختصار شديد القمة الإسلامية الأخيرة جسدت مأزق النظام العربي والإسلامي: نحن نُتقن صناعة الخطاب ولا نجرؤ على صناعة القرار. وبينما يحقق الإحتلال مكاسب ميدانية، نكتفي نحن بالتصفيق للكلمات الرنانة.