ما وراء انقلاب بريطانيا: لماذا اعترفت بدولة فلسطين وهدّدت إسرائيل بمنع ضم أراضى الضفة؟

اقول ما حدث باختصار
فى 21 سبتمبر 2025 أعلنت المملكة المتحدة رسميًا عن اعترافها بدولة فلسطين كخطوة تاريخية بعد عقود من المواقف المترددة، وذلك إلى جانب كندا وأستراليا.
كما رفعت بريطانيا تحدّيًا سياسيًا للدولة الإسرائيلية بتحذيرها من ضم أجزاء من الضفة الغربية (West Bank)، معتبرة أن أي ضم أحادي يعتبر غير قانوني ويُقوّض فرص السلام.
الأسباب الكامنة وراء خطوة الاعتراف الفلسطيني
لعدة دوافع سياسية، أخلاقية، ودبلوماسية:
1. حماية حل الدولتين وإحياء فرص السلام
بريطانيا ترى أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وضم الأراضي يُضعف بشكل كبير إمكانية إحياء حل الدولتين، الذي يرى فيه بعض القادة البريطانيين الطريق الوحيد لتحقيق سلام مستدام وآمن لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
2. الضغوط الإنسانية والسياسية
الوضع في غزة خصوصًا من حيث الخسائر المدنية، الأزمات الإنسانية، وتقييد وصول المساعدات يُعتبر من أكثر العوامل دفعًا لرد الفعل الدولي، بما في ذلك من حكومات لم تتخذ مثل هذا الموقف سابقًا.
3. المسؤولية الأخلاقية والتاريخية
يُنظر للاعتراف كجزء من مسؤولية تاريخية للبريطانيين، خاصة في ضوء دورهم في الانتداب وبعد التصريحات والالتزامات الدولية تجاه الشعب الفلسطيني.
4. الضغط الداخلي والخارجي
وجود رأي عام وضغط من منظمات حقوق الإنسان، مؤسسات المجتمع المدني، وأحزاب سياسية داخلية في المملكة المتحدة يدعو إلى خطوات أكثر وضوحًا تجاه التزام حقوق الفلسطينيين. كما أن هناك تضامنًا دوليًا متزايدًا مع فكرة الاعتراف.
لماذا رفع العلم الفلسطيني في لندن وما دلالاته؟
رفع العلم هو رمز سياسي مهم:
يعكس الاعتراف الرسمي، ليس فقط على الورق، بل في الواقع الرمزي والسياسي، بأن فلسطين دولة لها وجود قانوني ودبلوماسي.
يهدف إلى إرسال رسالة إلى الداخل (المجتمع البريطاني) وإلى الخارج (إسرائيل والمجتمع الدولي) بأن الموقف تغير، وأن السياسة الخارجية لبريطانيا تنحو نحو مواقف أكثر صراحة تدعو للعدالة والسلام.
يعطي الفلسطينيين شعورًا بالاعتراف بالمحنة والأمل في أن يكون هناك تغيير ملموس على الأرض، وليس مجرد تصريحات.
الأسباب وراء تهـديدات بريطانيا بعدم ضم الضفة الغربية
عندما تعلن بريطانيا أنها ستـُدين أي ضم أحادي لأراض الضفة، فذلك لأسباب متعددة:
1. القانون الدولي
بريطانيا تعتبر أن الضم الأحادي لأراضي محتلة ينتهك قوانين الحرب الدولية واتفاقيات جنيف، وكذلك قرارات الأمم المتحدة.
2. استقرار المنطقة والأمن
ضم الأراضي قد يزيد من التوترات، العنف، والاضطرابات، مما يضر بالأمن الإسرائيلي والفلسطيني، وربما يؤدي إلى تصعيد إقليمي. بريطانيا لا تريد الانجرار إلى مزيد من الصراع.
3. مصداقية السياسة البريطانية والدولية
إذا اعترفت ببعض الحقوق الفلسطينية لكنها سمحت بأفعال تُقوضها (مثل الضم) فإن ذلك يقلل من مصداقية لندن على الساحة الدولية. وهذا بدوره قد يؤثر على العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وكذلك منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
4. الامتثال للالتزامات الدولية واتفاقياتها
بريطانيا ملزمة بموجب القانون الدولي، واتفاقياتها مع الشركاء، وأحيانًا ضمن الاتحاد الأوروبي سابقًا بالحفاظ على مبادئ حقوق الإنسان وعدم إقرار ضم يخالف هذه المبادئ.
معارضة إسرائيل وأثر ذلك
من الناحية الإسرائيلية:
الإسرائيليون، خاصة من الحكومة واليمين، يرون أن مثل هذا الاعتراف خطوة أحادية الجانب، قد تكون مكافأة لحماس – حسب بعض تصريحاتهم – ويحتجون بأنها تتجاهل الهجمات التهديدات الأمنية واقع السيطرة الأمنية للجنة الفلسطينية على بعض المناطق.
كما أن بعض الوزراء الإسرائيليين استجابوا بالتهديد بالضم رسمياً كنوع من الرد على ما يرونه ضغوطًا دولية.
الخلاصة
الاعتراف البريطانى بدولة فلسطين ورفع العلم الفلسطيني فى لندن مع التهديد بعدم قبول ضم الضفة الغربية ليست مجرد تحركات رمزية بل تمثل تحولًا سياسيًا جوهريًا في الموقف:
من موقف التأجيل والمفاوضات فقط، إلى موقف يشمل اعترافًا قانونيًا ورسميًا كشريك مهم،
ومن ثم استخدام أدوات دبلوماسية وتحذيرية لمنع أى إجراء أحادى من شأنه أن يقوض أى فرص للسلام والقانون الدولى.