"إيهاب محمود: قرار ترامب الجمركي يعيد تشكيل صناعة الدواء عالميًا"

في تصريح خاص، علّق المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي وعضو الغرفة التجارية الألمانية، على القرار المفاجئ الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الأدوية المستوردة ذات العلامات التجارية المسجلة ببراءات اختراع، مؤكدًا أن هذا القرار يُمثل نقطة تحول خطيرة في النظام التجاري العالمي، وله تداعيات تتجاوز حدود سوق الدواء لتصل إلى قلب السياسات الاقتصادية والصناعية للدول.
حماية الصناعة المحلية
أوضح المهندس إيهاب محمود أن الهدف الأساسي من القرار هو إجبار شركات الأدوية العالمية على الاستثمار داخل الولايات المتحدة، سواء بإنشاء مصانع أو نقل خطوط إنتاج، حتى تتمكن من الاستمرار في بيع منتجاتها في السوق الأمريكي الذي يمثل ما يقرب من 50% من مبيعات الأدوية عالميًا. واعتبر أن هذه الخطوة رغم قسوتها، تعكس فلسفة اقتصادية أمريكية جديدة تقوم على "احمِ صناعتك أو اترك السوق"، وهو ما قد يدفع الدول الأخرى إلى التفكير بنفس النهج.
هزة في سلاسل الإمداد
وأشار إلى أن الشركات الكبرى مثل روش ونوفو نورديسك وأسترازينيكا باتت مطالبة بتسريع خططها لبناء مصانع داخل أمريكا لتجنب الرسوم الباهظة، وهو ما سيؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية، وربما ارتفاع أسعار الأدوية على المدى القصير نتيجة التكاليف الانتقالية.
تأثير مباشر على الأسواق الناشئة
وأكد المهندس إيهاب محمود أن القرار الأمريكي سيؤثر بشكل مباشر على الأسواق الناشئة، ومنها السوق المصري، حيث ستشهد الأدوية المستوردة ضغوطًا كبيرة في الأسعار والتوافر. لكنه شدّد على أن هذا التحدي قد يكون فرصة لمصر والدول النامية لتعزيز صناعتها الدوائية المحلية، وجذب استثمارات أجنبية في مجال تصنيع الدواء، خاصة إذا تم وضع سياسات ذكية تشجع الشركات العالمية على الإنتاج داخل هذه الأسواق بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
فرصة لمصر لتبني سياسة مشابهة
وأضاف أن على الحكومة المصرية التفكير في سياسة مشابهة للقرار الأمريكي ولكن بتدرج مدروس، من خلال فرض نسب جمركية أعلى على بعض الأدوية المستوردة شريطة أن يتم إعفاء الشركات التي تقيم مصانع أو تنقل تكنولوجيا إنتاج إلى الداخل. وأكد أن مثل هذا القرار سيُعزز الأمن الدوائي لمصر ويجعلها أكثر قدرة على مواجهة الأزمات العالمية.
قراءة سياسية واقتصادية أوسع
واختتم المهندس إيهاب محمود حديثه بالتأكيد أن ما يحدث ليس مجرد سياسة دوائية، بل رسالة سياسية واقتصادية كبرى من الولايات المتحدة للعالم: "من يريد الاستفادة من سوقنا، عليه أن يستثمر في أرضنا". وهي رسالة يمكن أن تُعيد رسم خريطة الاستثمارات العالمية في السنوات المقبلة، وتجعل من التصنيع المحلي شرطًا أساسيًا للوصول إلى الأسواق الكبرى.