لقاء القمه بين حسن رشاد رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية ومسعد بولس كبير مستشارى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب

فى توقيت بالغ الحساسية إقليميا شهدت القاهرة لقاء مفاجئا جمع بين اللواء حسن رشاد رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية ومسعد بولس كبير مستشارى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وأحد أقرب المقربين له سياسيًا وعائليًا. اللقاء الذى لم يعلن عن ترتيبه مسبقا جاء بعد 48 ساعة فقط من كلمة حاسمة ألقاها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى قمة بغداد حذّر فيها من محاولات تحويل غزة إلى مكان غير صالح للحياة مطالبًا بضرورة إقامة دولة فلسطينية كشرط لا غنى عنه لتحقيق السلام العادل والدائم.
كلمة السيسي لم تكن مجرد موقف بروتوكولى بل رسالة استراتيجية واضحة أربكت الحسابات وأحرجت واشنطن التى سارعت على لسان خارجيتها إلى نفي تقارير متداولة عن خطة أمريكية لتهجير مليون فلسطيني إلى ليبيا مقابل صفقات مالية. اللافت أن هذا النفى لم يصدر إلا بعد خطاب السيسى رغم تسريب الفكرة أولًا من ترامب نفسه ثم من شبكة NBC الأميركية. هذا التتابع الزمنى يكشف حجم التأثير المصرى فى دوائر القرار الأميركية ويؤكد أن القاهرة حين تتحدث تفرض قواعد جديدة للّعبة.
زيارة مسعد بولس – رجل الأعمال اللبنانى الأصل وصهر ترامب – لم تكن ضمن جدول جولته المعلنة في المنطقة والتى اقتصرت على الجزائر والمغرب ما يُرجّح أن الزيارة جاءت بترتيب عاجل لاحتواء غضب مصرى مشروع تجاه أى ترتيبات مشبوهة فى غزة أو ليبيا من خلف ظهر القاهرة.
لطالما مثّلت مصر محور التوازن فى الإقليم ليس فقط بحكم الجغرافيا بل أيضًا بفضل عقيدتها السياسية المستقرة تجاه الصراع العربى-الإسرائيلى والتى لم تتغير منذ مؤتمر باندونغ فى خمسينيات القرن الماضى وحتى اتفاق أوسلو وما بعده. منذ عهد السادات ومصر تُفرّق بذكاء بين التفاوض السياسى والتطبيع الكامل وتحتفظ لنفسها بحق الاعتراض والمواجهة عندما تُهدَّد الثوابت.
الرسالة المصرية اليوم واضحة: لا تهجير، لا صفقات على حساب الفلسطينيين ولا تسوية دون دولة مستقلة عاصمتها القدس. ومع كل محاولة للعب فى الظلال تعود القاهرة إلى الواجهة تثبت حضورها وتُذكّر الجميع أن مفاتيح الحل لا تزال تُصنع هنا… فى عاصمة القرار.