الجيش المصري في قلب المعادلة: بين تحركات حفتر وغموض السودان
 
 
                        فى توقيت إقليمى بالغ الحساسية استقبل الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى يوم الأحد 30 يونيو كلًا من رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد الجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر فى لقاءين منفصلين بالقاهرة. هذا التحرك المصرى رفيع المستوى لم يكن مصادفة بل يحمل رسائل سياسية وأمنية تتجاوز حدود البروتوكول وتعكس قلقًا حقيقيًا من اشتعال المثلث الحدودى بين مصر وليبيا والسودان.
رسالة مصر : الأمن القومي لا يُترك للمجهول
اللقاء الثلاثى غير المباشر، والذى جمع بين رمزي القوى المسلحة فى ليبيا والسودان جاء ليؤكد أن القاهرة تتحرك سريعًا لتحصين جبهتها الجنوبية والغربية ومنع تمدد الفوضى عبر حدودها. فمصر التى تتشارك حدودًا طويلة ومتشعبة مع كل من ليبيا والسودان تدرك جيدًا أن الانهيارات الأمنية فى الدولتين الجارتين لم تعد مجرد أزمات إقليمية بل تهديد مباشر لوحدة أراضيها واستقرارها الداخلى.
السودان : حرب مفتوحة على بوابة الجنوب
مع استمرار الحرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وانهيار مؤسسات الدولة تتصاعد المخاوف من تسلل الجماعات المسلحة عبر الحدود، وتحوّل الجنوب المصرى إلى ممر للتهريب والاضطرابات. لقاء السيسي بالبرهان يحمل دعمًا واضحًا للجيش السودانى وتأكيدًا على أن مصر تقف إلى جانب وحدة السودان واستعادة مؤسساته، لكنها فى الوقت ذاته لا تخفى قلقها من أن يمتد الصراع نحو أراضيها.
ليبيا : تثبيت الحليف وتعزيز التنسيق
أما اللقاء مع المشير حفتر، فهدفه الواضح هو تثبيت التنسيق الأمنى على الجبهة الغربية خاصة مع تجدد التوترات السياسية فى ليبيا واستمرار وجود المرتزقة والقوات الأجنبية على أراضيها. القاهرة تعتبر استقرار ليبيا جزءًا من أمنها القومى وهى تدعم قيام دولة موحدة بجيش وطنى قوى يضمن عدم تحوّل ليبيا إلى بؤرة تهديد دائم.
المثلث الحدودى : نقطة الاشتعال المحتملة
التقاء الحدود بين مصر وليبيا والسودان يكوّن ما يشبه مثلثا حدوديا هشًا، يمكن أن يتحوّل إلى بؤرة اشتعال كبرى فى أى لحظة. شبكات تهريب السلاح والبشر وانتقال العناصر المسلحة بين الجبهات ومخاوف التدخلات الخارجية كلها عوامل دفعت مصر إلى التحرك السريع للسيطرة على المشهد قبل أن يفلت من اليد.
رسائل اللقاءات فى العمق
إقليميًا : مصر تقول إنها لن تترك فراغات استراتيجية تستغلها أطراف إقليمية أو تنظيمات متطرفة.
أمنيًا : هناك تنسيق استخباراتى وعسكرى متزايد مع الجيشين السودانى والليبي لحماية حدود مصر.
دوليًا: القاهرة تؤكد للعالم أنها لا تنتظر الحلول بل تصنعها عبر أدواتها الجيوسياسية وخبرتها فى إدارة الأزمات.
خلاصة المشهد
اللقاء الثلاثى غير المباشر بين السيسى والبرهان وحفتر يعكس رؤية مصر الواضحة: منع تمدد الفوضى قبل أن تطرق الأبواب. إنه تحرك استباقى لتحصين الجغرافيا وتعزيز التحالفات، وكبح الانفجار المحتمل فى واحدة من أخطر نقاط التماس الجغرافى والأمنى فى شمال شرق إفريقيا.

 













 
					


