18:10 | 23 يوليو 2019

شهادة الزور... جريمة تقتل العدالة في صمت

11:22pm 19/07/25
أحمد الشبيتي

 

 

في محراب العدالة، تُبنى الأحكام على الأدلة والشهادات، ويُفترض أن الشاهد هو عين الحقيقة ولسانها. لكن حين تتحول الشهادة إلى "زور"، تتحول العدالة إلى ظلم، والمظلوم إلى مدان، والحق إلى باطل. شهادة الزور ليست مجرد كذبة عابرة، بل جريمة مكتملة الأركان تهدد أمن المجتمع وتهدم أركان القانون.

 

ما المقصود بشهادة الزور قانونًا؟

شهادة الزور هي أن يُدلي الشاهد بأقوال كاذبة عمدًا أمام جهة قضائية، بقصد تضليل العدالة أو الإضرار بطرف في الدعوى.

 

نصت المادة 294 من قانون العقوبات المصري على أن:

"من شهد زورًا لمتهم في جناية أو عليه، يعاقب بالسجن".

 

وإذا أدى الزور إلى حكم بالإعدام وتم تنفيذه، فقد يُعاقب الشاهد بالإعدام أيضًا، كما في المادة (296) من نفس القانون.

 

أركان جريمة شهادة الزور

لقيام جريمة شهادة الزور، لا بد من توافر ثلاثة أركان:

1. الركن المادي: أن يدلي الشخص بأقوال كاذبة.

2. الركن المعنوي: أن يكون الشاهد عالمًا بكذب ما يقول، ومتعمدًا تضليل القضاء.

3. الصفة القضائية للمكان: أن تكون الشهادة أمام سلطة قضائية أو جهة رسمية لها صفة التحقيق أو الحكم.

 

أنواع شهادة الزور

شهادة زور لصالح المتهم: مثل إخفاء الحقيقة أو اختلاق أدلة براءته.

شهادة زور ضد المتهم: مثل الإدعاء كذبًا برؤيته يرتكب الجريمة.

الامتناع عن الشهادة أو تغيير الأقوال: إذا تم تحت القسم، يُعد ذلك أيضًا جريمة.

 

عقوبة شهادة الزور في القانون المصري

وفقًا لقانون العقوبات:

في الجنحة: الحبس من 3 شهور إلى سنتين، أو غرامة.

 

في الجناية: السجن من 3 إلى 7 سنوات.

وإذا أدت شهادة الزور إلى الإعدام أو السجن المؤبد لشخص بريء، فقد يُعاقب الشاهد بنفس العقوبة التي ترتبت على شهادته، وفقًا لخطورة الضرر.

 

شهادة الزور... من جريمة فرد إلى جريمة مجتمع

الخطر في شهادة الزور لا يقتصر على ظلم شخص معين، بل يهدد المجتمع كله. فبانتشار هذه الجريمة، يفقد الناس ثقتهم في العدالة، وتصبح المحاكم ساحة لتصفية الحسابات بدلًا من أن تكون ميزانًا للحق.

 

كيف نواجه شهادة الزور؟

1. تشديد العقوبات وتطبيق القانون بصرامة.

2. توعية المواطنين بخطورة الشهادة الكاذبة دينيًا وقانونيًا.

3. دور القاضي في اختبار مصداقية الشهادة بدقة.

4. دور المحامي في كشف التناقضات واستدعاء شهود نفي موثوقين.

5. تشجيع التبليغ عن الشهود الكاذبين وعدم التساهل معهم.

 

موقف الدين من شهادة الزور

في الإسلام، تُعد شهادة الزور من الكبائر، وجاء في الحديث الصحيح:

 "ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور"

وما زال النبي يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

فهي ليست مجرد معصية، بل طريق لإهلاك الناس ونشر الفتنة.

 

خاتمة

شهادة الزور ليست مجرد كلمات... إنها طلقة في قلب العدالة، وجرح لا يندمل في ضمير القانون. كن شاهدًا للحق، لا أداة للباطل، ولا تكن يومًا سببًا في سجن بريء أو نجاتك ظالم.

 

 "إذا كانت العدالة عماد الدولة، فإن شهادة الزور هي الفأس التي تهدمها من الجذور".

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum