المعركة القادمة: رؤية المهندس إيهاب محمود لانتخابات مجلس النواب

في ظل اقتراب استحقاق انتخابي جديد، ومع تصاعد الترقب الشعبي والرسمي لما ستشهده الساحة السياسية في مصر، برز حديث المهندس إيهاب محمود، الأمين العام المساعد لحزب الجيل الديمقراطي بمحافظة الإسكندرية، كأحد الأصوات البارزة التي وضعت ملامح رؤية متكاملة للمرحلة المقبلة. حديثه لم يكن خطابًا انتخابيًا تقليديًا، بل حمل بين سطوره دعوة صريحة لإعادة تعريف دور النائب البرلماني باعتباره شريكًا في صناعة السياسات ومعبّرًا عن هموم المواطنين على نحو واقعي وملموس.
رؤية اقتصادية مبنية على خبرة
المهندس إيهاب محمود، بصفته رئيس اللجنة الاقتصادية للحزب في الإسكندرية، أعطى الاقتصاد أولوية واضحة في حديثه. شدّد على أن معالجة الملفات الاقتصادية لا تقتصر على أرقام الموازنات أو التصريحات الرسمية، بل يجب أن ترتبط مباشرة بحياة الناس اليومية. أشار إلى ضرورة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها ركيزة أساسية لتوليد فرص العمل، وتخفيف الأعباء عن الشباب الباحثين عن بداية حقيقية في سوق العمل.
كما لفت إلى أهمية جذب الاستثمارات المحلية والدولية إلى المدن الساحلية، وفي مقدمتها الإسكندرية، عبر تحسين البنية التحتية وتبسيط الإجراءات، مشددًا على أن البرلمان المقبل ينبغي أن يكون برلمان الحلول العملية، لا الوعود النظرية.
الانتخابات كمعركة وعي
على الصعيد السياسي، وصف محمود الانتخابات النيابية القادمة بأنها "معركة وعي"، موضحًا أن نجاحها لا يقاس فقط بعدد المقاعد أو أسماء المرشحين، بل بمدى مشاركة المواطن المصري وإحساسه بأهمية صوته. وقال إن المشاركة الواسعة هي الضمانة الحقيقية لتعزيز الديمقراطية وتكريس مفهوم الشراكة الوطنية في بناء المستقبل.
وأكد أن الناخبين أمامهم مسؤولية كبرى في التدقيق باختيار من يمثلهم، بعيدًا عن الشعارات الرنانة أو المصالح الضيقة، داعيًا إلى تقديم الكفاءة والمصداقية على أي اعتبارات أخرى.
البعد الاجتماعي والثقافي
لم يغفل محمود في حديثه البعد الاجتماعي والثقافي، حيث أثار قضية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على وعي الأجيال الجديدة. وانتقد بشدة ما وصفه بـ"الغزو الثقافي عبر بعض التطبيقات" الذي يهدد القيم الأصيلة للمجتمع المصري. ودعا إلى ضرورة وضع ضوابط وتشريعات تحمي الشباب من الانزلاق وراء ثقافات دخيلة، مع التأكيد في الوقت نفسه على أهمية توفير بدائل إعلامية وثقافية إيجابية قادرة على منافسة هذه المنصات.
دور الحزب واستعداداته
حديثه لم يأتِ بمعزل عن الحركة الحزبية على الأرض. فقد أوضح أن حزب الجيل الديمقراطي يعمل حاليًا على إعداد كوادره وتنظيم ندوات تثقيفية توعوية لتعريف المواطنين بواجباتهم وحقوقهم الانتخابية. وشدّد على أن الحزب لا ينظر إلى الانتخابات كسباق سياسي فقط، بل كفرصة لتأكيد دوره في خدمة المجتمع، عبر تقديم برامج عملية تستجيب لاحتياجات المواطنين.
قراءة تحليلية للخطاب
من منظور صحفي، يتسم خطاب المهندس إيهاب محمود بعدة نقاط قوة: أولها واقعيته الاقتصادية التي تستند إلى خبرة ميدانية، وثانيها محاولته المزج بين السياسي والاجتماعي، وثالثها حرصه على دعوة المواطنين إلى المشاركة الواعية. ومع ذلك، فإن بعض تصريحاته حول الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي قد تثير جدلاً في أوساط شبابية أو ليبرالية، مما يجعله أمام تحدي الموازنة بين حماية القيم والانفتاح على حرية التعبير.
في المحصلة، يظهر حديث المهندس إيهاب محمود باعتباره خريطة طريق لانتخابات مجلس النواب القادمة، حيث تتداخل فيه القضايا الاقتصادية بالاجتماعية والسياسية في خطاب متماسك. وهو بذلك يعكس صورة قيادي حزبي يسعى إلى أن يكون صوتًا للمواطن لا مجرد مرشح انتخابي. ويبقى التحدي الأكبر أمامه وأمام حزبه هو القدرة على تحويل هذه الرؤى إلى برامج عملية تُقنع الناخب وتترجم وعود الخطاب إلى إنجازات واقعية على أرض الإسكندرية وسائر ربوع مصر.