18:10 | 23 يوليو 2019

انذار أحمر في السودان وفيضان النيل الأزرق بين حسابات الطبيعة ومغامرات السياسة

11:04am 29/09/25
صورة أرشيفية
عصران الراوي

لم يكن غريبا أن تطلق وزارة الري السودانية الإنذار الأحمر مع بداية ذروة الأمطار الموسمية في دول المنبع خلال أغسطس وسبتمبر فهذه هي الفترة التي يعرف فيها السودان دائما قسوة النيل حين يفيض بمياهه على الأراضي المنخفضة لكن الغريب هذه المرة أن الفيضان لم يكن فقط بفعل الطبيعة بل زادت حدته نتيجة قرارات سياسية متهورة من جانب القيادة الإثيوبية
ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه المزارعون في السودان ومصر أن يتم تصريف المياه تدريجيا من سد النهضة ليستفيدوا من الري اختار آبي أحمد أن يجعل من السد أداة دعائية فقام بملء البحيرة بالكامل فيما يسمى بالملء السادس ثم فتح أربع بوابات دفعة واحدة دون تشغيل فعلي للتوربينات الكهربائية النتيجة كانت تدفق نحو ٧٣٠ مليون متر مكعب يوميا لأربعة أيام متواصلة وهو معدل غير مسبوق منذ فيضان ٢٠٢٠ حين بلغ منسوب النيل الأزرق ١٧٫٦٦ متر بينما سجل هذا العام ١٦٫٨٩ متر أي أقل قليلا لكنه يظل خطيرا ومؤشرا مقلقا
هذا التصرف الذي يعكس حالة من العناد السياسي ألقى بظلاله على ولايات سودانية عدة مثل الخرطوم النيل الأزرق سنار نهر النيل والنيل الأبيض حيث بدأت عمليات إخلاء للمواطنين من المناطق المنخفضة وهرع الأهالي لحمل متاعهم ومواشيهم بحثا عن أماكن آمنة يبيتون فيها بانتظار المجهول المشهد يذكر الجميع بأن السودان هو الحلقة الأضعف والأكثر عرضة لدفع ثمن هذه السياسات
إن إصرار إثيوبيا على المضي في خطوات أحادية دون تنسيق مع دولتي المصب يفتح الباب أمام كوارث بيئية وإنسانية تضاف إلى الأزمات السياسية في المنطقة فالنيل ليس نهرا إثيوبيا خالصا بل شريان حياة عابر للحدود وأي استغلاله لتحقيق مكاسب دعائية أو انتخابية هو تهديد مباشر لملايين البشر
اليوم يقف السودان أمام اختبار صعب بين مواجهة آثار الطبيعة وبين تحمل نتائج سياسات مغامرة لجار لا يعترف بمبدأ المشاركة والتنسيق والتاريخ لن يرحم من يعبث بمقدرات الأنهار والناس من أجل صورة أمام كاميرا .
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum