عصران الراوي يكتب….. قمة شرم الشيخ سلاح مصر السياسي لفتح ملف سد النهضة وفضح عبث إثيوبيا أمام قادة العالم

تتجه أنظار العالم غدا إلى شرم الشيخ حيث تحتضن مصر القمة الدولية لوقف إطلاق النار في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة لكن خلف مشهد السلام هناك معركة أخرى أكثر عمقا وحساسية تنتظر شجاعة القاهرة لفتحها أمام الحاضرين معركة المياه والأمن القومي وملف سد النهضة الذي آن الأوان أن يوضع على الطاولة أمام قادة العالم وجها لوجه
القاهرة تمتلك الآن منبرا عالميا لا يتكرر يجتمع فيه صناع القرار من الشرق والغرب وممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهو المنبر الذي يمكن أن تتحول فيه أزمة السد من ملف إقليمي إلى قضية ضمير دولي بعد أن تحولت التصرفات الإثيوبية إلى عبث معلن يهدد حياة الملايين ويقوض استقرار القارة بأكملها
الفيضانات التي اجتاحت السودان ليست كارثة طبيعية كما يحاول البعض ترويجها بل نتيجة مباشرة لقرارات أحادية غير محسوبة أطلقت فيها إثيوبيا كميات هائلة من المياه دون تنسيق أو إخطار مسبق وكأن النيل أصبح مختبرا لمغامرات سياسية ومائية بلا حساب
هنا يجب أن تتحدث مصر بقوة من قلب القمة وأن تقول للعالم إن من يتحدث عن وقف الحرب عليه أن يفكر أيضا في وقف العبث بالنهر وإن من يسعى إلى سلام الأرض لا يمكنه تجاهل سلام المياه لأن من يملك صنبور الحياة يملك مصير الشعوب
القاهرة اليوم أمام فرصة تاريخية لتعيد تعريف مفهوم الأمن الإقليمي وتؤكد أن الأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العالمي وأن من يعبث بمياه النيل يفتح بابا لحروب جديدة في القارة السمراء تحت غطاء التنمية المزعومة
لقد كانت مصر دائما صوت الحكمة والاتزان لكنها لم ولن تصمت حين يتحول الصبر إلى تهديد مباشر للوجود فملف سد النهضة ليس مجرد نزاع حول حصص بل معركة هوية وحق وحياة ولا يمكن أن يبقى طي الغرف المغلقة بينما النهر يصرخ من تحت الأقدام
شرم الشيخ التي جمعت قادة العالم من أجل وقف النار يمكن أن تكون أيضا المكان الذي تنطلق منه شرارة الحقيقة عن سد النهضة وعن الغرور الإثيوبي الذي تجاوز كل حدود المنطق والسياسة والإنسانية
إنها لحظة القاهرة بامتياز لحظة أن تقول كلمتها أمام العالم بلا تجميل ولا دبلوماسية زائدة لتكشف من يعبث بالمياه ومن يدفع ثمن الفيضانات ومن يدافع عن حق الحياة
قمة شرم الشيخ ليست فقط محطة لسلام غزة بل بوابة لتثبيت حق مصر في النيل وفضح من أراد أن يجعل الماء سلاح
ا سياسيا ضد الشعوب.