ترامب في الامم المتحدة خطاب شعبوي ام خطة انقاذ للعالم

قاعة الامم المتحدة في نيويورك اعتادت على خطابات دبلوماسية متزنة مليئة بالعبارات المحسوبة لكن مع دخول الرئيس الاميركي دونالد ترامب المنصة هذا العام تغير المشهد كليا كلمات صاخبة تصريحات نارية ووعود ضخمة اعادت للاسماع اسلوب حملاته الانتخابية اكثر مما عكست روح رجل دولة يتحدث باسم القوة العظمى الاولى في العالم
غزة واوكرانيا وعود بلا خرائط طريق
استهل ترامب خطابه بالدعوة الى وقف فوري للحرب في غزة واعادة الرهائن وكأنه يقدم نفسه وسيطا عالميا قادرا على انهاء النزاعات بقرار واحد لكن الواقع ان مثل هذه القضايا اعقد بكثير من مجرد اعلان فهي تحتاج الى اتفاقات وضمانات دولية وارادة سياسية من اطراف متشابكة المصالح
ثم انتقل الى اوكرانيا وروسيا معتبر ان الحرب شوهت صورة موسكو ومعلنا انه يعمل بكثافة لانهااء القتال الطريف انه قال انه كان يعتقد ان انهاء الازمة سيكون سهلا وكأنها معركة انتخابية لا صراع جيوسياسي معقد يتداخل فيه الناتو والغاز والحدود والتاريخ
نوبل للسلام حلم يلاحق ترامب
لم يخف ترامب طموحه القديم جائزة نوبل للسلام قال انه يستحقها لكنه مشغول بانقاذ الارواح هذه الازدواجية بين السعي وراء المجد الشخصي والتظاهر بالتواضع الانساني ليست جديدة على خطابه المفارقة ان حديثه عن انهاء سبع حروب لم يجد له اثرا في الذاكرة الدولية ما جعل الكثيرين يرون في الامر استعراضا اكثر منه انجازا
الامم المتحدة منصة عاجزة ام شماعة
ترامب لم يتوقف عند حدود الوعود بل صوب سهامه نحو المؤسسة التي يقف امامها شبّه الامم المتحدة بمصعد توقف في منتصف الطريق مليء بالخطب الفارغة مؤكدا ان مهمته انهاء الحروب بدل المنظمة نفسها اراد ان يظهر كرجل الحلول العملية في مواجهة بيروقراطية اممية عاجزة لكنه في الوقت ذاته تجاهل ان الامم المتحدة رغم بطئها تظل منصة الحوار الوحيدة التي تجمع الخصوم تحت سقف واحد
ايران العصا في يد والجزرة في اليد الاخرى
حين تطرق للملف الايراني اعلن ترامب انه دمر سلاح ايران النووي وانها لن تمتلك قنبلة مع الاشارة الى انه عرض التعاون على خامنئي لكنه لم يتلق الا تهديدات الخطاب بدا متناقضا تهديد صريح بيد وايماءة سلام باليد الاخرى وهو النهج الذي ميز سياسته الخارجية طوال فترة حكمه
بين الاستعراض والسياسة الواقعية
خطاب ترامب كشف عن مزيج من الحماسة الشعبوية واللغة الانتخابية ركز على الصور الكبيرة والوعود السريعة لكنه لم يقدم خرائط طريق واضحة او خططا عملية بدا وكأنه يخاطب الداخل الاميركي بقدر ما يخاطب قادة العالم والنتيجة ان العالم خرج بانطباع ان ترامب يريد ان يسجل كصانع سلام لكنه في الواقع يقدم عرضا سياسيا صاخبا اكثر مما يرسم سياسة دولية رصينة
ويبقى السؤال هل يكفي خطاب ناري في الامم المتحدة ليقنع العالم ان ترامب قادر على انهاء ازمات بحجم غزة واوكرانيا ام ان ما قدمه ليس اكثر من استعراض انتخابي على منصة دولية