18:10 | 23 يوليو 2019

رسائل الدولة من قلب أكاديمية الشرطة

1:32pm 08/10/25
صورة أرشيفية
عصران الراوي

في الوقت الذي يمر فيه الشرق الأوسط بمنعطف دقيق تخرج من القاهرة رسالة جديدة تحمل توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي من قلب أكاديمية الشرطة رسالة توازن بين الأمن والسياسة وتكشف ملامح المرحلة المقبلة في الداخل والخارج على السواء
الرسالة الأولى كانت دعوة الرئيس لأسبوع تعايش بين طلبة الكليات العسكرية والمدنية وهي خطوة تعكس فلسفة الدولة الجديدة في بناء المواطن القادر على الجمع بين الانضباط والفكر بين الولاء والانتماء بين السلاح والعلم فالجيش والشرطة يصنعان الحماية والمدني يصنع الوعي وحين يتعايش الاثنان تُبنى الدولة الحديثة القائمة على الانصهار الوطني لا الانفصال الاجتماعي
الرسالة الثانية كانت بمثابة إعلان ثقة أمام المصريين حين كرر الرئيس عبارته الشهيرة محدش يقدر على مصر في تأكيد أن الأمن القومي المصري محصن بإرادة شعبه قبل مؤسساته وأن كل التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها الدولة خلال السنوات الماضية لم تكن سوى مراحل في مسار بناء شامل تحمل المصريون تكلفته بإيمان وصبر حتى أصبحت الدولة تمتلك أدواتها وتتحكم في مصيرها فلا أحد يستطيع أن يعطشها أو يغرقها أو يكسر إرادتها
الرسالة الثالثة تمثلت في المفردات الجديدة التي استخدمها الرئيس حين قال إننا لا نفصح عن قدراتنا وما خفي كان أعظم ومحدش يجرب مصر وهي كلمات تضع نظرية الردع المصرية في إطارها الواقعي فالقوة الحقيقية لا تُعلن بل تُفهم وهي رسالة موجهة لكل من يحاول اختبار حدود الصبر المصري في ظل سياسة تعمل بصمت وتتحرك بثبات بعيدًا عن الشعارات
أما الرسالة الرابعة فجاءت تحمل بعدًا دبلوماسيًا استثنائيًا عندما وجه الرئيس شكرًا متكررًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ثلاث مرات مشيرًا إلى المباحثات الجارية في مدينة شرم الشيخ حول اتفاق سلام جديد وداعيًا ترامب لحضور التوقيع إن تم إن شاء الله وهنا يتضح أن القاهرة لا تكتفي بدور الوسيط التقليدي بل تعود لقيادة مشهد السلام من موقع القوة والتأثير مصر لا تساوم ولا تُجر إلى الملفات بل تديرها على طريقتها وتختار توقيتاتها بدقة
الدعوة للرئيس الأمريكي خرجت من داخل أكاديمية الشرطة وهي دلالة رمزية لا يمكن تجاهلها فالمؤسسة الأمنية المصرية التي تمثل العمود الفقري لاستقرار الداخل توجه للعالم رسالة مفادها أن السلام لا يُفرض بالضعف وإنما يُصنع بالقوة وأن من يحمي أمنه بقوة قادر على أن يصنع سلامه بإرادته
وفي ختام كلمته أعاد الرئيس التأكيد على المعادلة الأبدية لوحدة الصف المصري باعتبارها كلمة السر في عبور كل الأزمات فالتحديات لن تنتهي ولكن جيل الشباب الواعي المدرب المحصن هو من سيحمل الراية أيا كان موقعه في المرحلة القادمة لتظل الدولة قادرة على التجدد الذاتي ومواصلة البناء
خطاب السيسي في أكاديمية الشرطة لم يكن مجرد كلمات احتفالية بل كان خريطة طريق سياسية وأمنية واقتصادية ترسم ملامح مصر ما بعد الأزمات دولة تعرف قدرها وتثق في قوتها وتدير معاركها بعقل بارد وضمير وطني حار

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum