أبو لولو والجنجويد وعرَب الصحراء خيوط الدم والذهب من ويلز إلى دارفور
ما يحدث في السودان لم يعد مجرد صراع محلي بين الجيش ومليشيا بل أصبح مشروعاً دولياً له ممولون ومصنّعون وممرات عبور وأهداف اقتصادية ضخمة تكشفها الوثائق المسربة واحدة تلو الأخرى
في مجلس الأمن الدولي رُفعت مؤخراً وثائق بريطانية تتحدث عن أنظمة تدريب عسكرية صُنعت في ويلز ومحركات بريطانية استخدمت في عربات مدرعة وُجدت داخل مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في الخرطوم وأم درمان أي أن السلاح يشق طريقه من أوروبا إلى يد مليشيا قبلية تنفذ سياسات تصفية ديموغرافية في قلب السودان
القبائل التي خرج منها حميدتي ليست طارئة على الصحراء فقد نشأت قبائل آل جنيد في الحزام الرملي الممتد بين دارفور وتشاد عاشت على الرعي والغزو والانتقال الدائم بين الوديان القاحلة ومن هذه القبيلة تفرعت الرزيقات والماهرية التي أصبحت العمود الفقري لقوات الدعم السريع وهي القبيلة التي خرج منها محمد حمدان دقلو وشقيقه عبد الرحيم دقلو
شركة آل جنيد التي تحمل اسم العائلة تأسست عام 2009 وتعمل في التعدين والنقل والإنشاءات لكنها في حقيقتها ذراع اقتصادية للمليشيا تسيطر على مناجم الذهب في جبل عامر وتبيعه بأسعار تفضيلية وهكذا يتحول الذهب من ثروة وطنية إلى وقود للحرب
ومن رحم الماهرية خرجت أسماء غامضة ودموية مثل أبو لولو وأبو أنجلك ويأجوج ومأجوج وشارون وهي أسماء حركية لقادة وحدات خاصة بالتصفية والاغتيالات لا تعرف الحرب النظامية بل تنفذ الإبادة الصامتة بحق المدنيين
أبو لولو نفسه ليس سوى نموذج لوحشية قبلية خالصة تربى على السلاح لا على التعليم يعرف التكبير ولا يعرف معنى الدين تدرب في معسكر جيلي شارك في حرب اليمن ثم عاد ليقاتل في الخرطوم والفاشر بأوامر مباشرة من حميدتي لفرض الحصار والتصفية العرقية بحق غير العرب
تطلق هذه المليشيا على خصومها من الجيش والمدنيين لقب الفلنقايات وهو لفظ دارفوري قديم يرمز إلى الخيانة الاجتماعية واستباحة من يطلق عليه هذا الاسم وهكذا تحولت لغة الماضي إلى رخصة قتل في الحاضر
المشهد اليوم يقول إن الدعم السريع لم يعد مجرد مليشيا بل مشروع لتغيير ديموغرافي كامل في غرب السودان استبدال شعب بشعب من أجل السيطرة على مناجم الذهب وبناء كيان جديد على دماء الآخرين مشروع تموله جهات خارجية بسخاء وتغض عنه العواصم الأوروبية مقابل مصالح اقتصادية
ما يحدث ليس مجرد فوضى سودانية بل رسم جديد لخريطة النفوذ في إفريقيا الذهب مقابل الصمت والسلاح مقابل النفوذ وبين كل ذلك يقف السودان ينزف من خاصرته باسم العرق والمصلحة
أبو لولو وأبو أنجلك وشارون مجرد أدوات صغيرة في لعبة كبرى تديرها عواصم تعرف جيداً ماذا تفعل بالصحراء ومن يعيش فيها والنتيجة وطن يُستنزف من جوفه حتى آخر ذرة ذهب وآخر نفس حر


















